حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
يقول الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا:
جمهور العلماء على جواز الزيادة وقد جاء عن عبد الله بن عمر كما في الصحيح كان يقول : لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل قالوا فلا حرج ، وجاء في حديث ابن ماجه : (( لبيك حقا حقاً )) وهو حديث أنس : (( لبيك حقاً حقاً لبيك تعبداً ورقاً )) وقد كان النبي-ﷺ- يسمع الصحابة يزيدون في التلبية ويقولون : لبيك ذا المعارج ، والمعارج هي : السماوات لأنه يعرج إليها فلما أقر النبي-تعالى- الصحابة على الزيادة دل على مشروعية الزيادة بالثناء على الله-تعالى- ؛ ولكن الأفضل والأكمل والأعظم أجراً أن يقتصر على الوارد عن النبي-ﷺ – مع كونه أقر الصحابة ، فإنه إذا جاء بألفاظ فيها الثناء على الله والتمجيد له-تعالى- فإن هذا يجوز ولكنه خلاف الأولى ، والأولى والأفضل والأكمل الاقتصار على تلبيته بأبي وأمي-صلوات الله وسلامه عليه.
والقاعدة كما قررها العز بن عبدالسلام في كتابه النفيس : ” قواعد الأحكام ” : أن الوارد أفضل من غير الوارد. تطبيق هذه القاعدة إذا كان المجال أو الوقت أو الحال يسمح بأن يذكر الإنسان ربه بأذكار مختلفة وقد ورد عن النبي-تعالى- ذكر مخصوص فإن التقيد بالمخصوص أعظم أجراً من غير المخصوص لأنه إذا تقيد بالمخصوص أُجر بأجرين أجر الذكر الذي يقوله ، وأجر الائتساء والاقتداء بالنبي-ﷺ – ولو لم يكن في الائتساء به-صلوات الله وسلامه عليه- إلا أن صاحب السنة يرحم ويهدى ويوفق لكفى بذلك شرفاً وفضلاً-نسأل الله العظيم ، أن يرزقنا التمسك بالسنة ، والعمل بها ، وتطبيقها .
متى يقطع المعتمر التلبية:
فإن كان في العمرة فالصحيح أنه يقطع التلبية عند استلامه للحجر ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه- أن النبي-ﷺ – في عمرة الجعرانة لم يزل يلبي حتى استلم الحجر قالوا : فدل هذا على مشروعية التلبية عند استلام الحجر يختاره بعض السلف وهو مأثور عن ابن عمر-رضي الله عنهما- أنه كان إذا قدم من المدنية يقطع التلبية في الحرار أي حرار مكة أي : قبل أن يدخل المسجد وهذا قول بعض السلف . وإن كان الأقوى والأشبه أن يقطعهما في العمرة عند استلامه للحجر ، ولا يلبي في عمرته في طوافه ولا في سعيه بين الصفا والمروة ولا بينهما .
متى يقطع الحاج التلبية:
وأما في الحج فللعلماء أقوال : أصحها أنه يقطع التلبية عند آخر حصاة يرمي بها جمرة العقبة يقول به طائفة من السلف منهم إسحاق بن راهويه ، ورواية عن الإمام أحمد ، وطائفة من أهل الحديث-رحمة الله عليهم- لحديث بن خزيمة أن النبي-ﷺ – لم يزل يلبي حتى رمى آخر حصاة من جمرة العقبة .
وقال المالكية : يقطعها إذا غدا إلى الصلاة يوم عرفة وهذا مذهب مرجوح ؛ لأن النبي-ﷺ- ثبت أنه لبى ليلة النحر فإن ابن مسعود لبى بمزدلفة فأنكر الناس عليه فقال : سمعت الذي أنزلت عليه البقرة يقول هنا : (( لبيك اللهم لبيك )) فدل على مشروعيتها وأنها تقع.