يشترط لصحة الإمامة الأمور التالية :
1 - ( الإسلام ) :
اتفق الفقهاء على أنه يشترط في الإمام أن يكون مسلما . وعلى هذا لا تصح الصلاة خلف من هو كافر يعلن كفره , أما إذا صلى خلف من لا يعلم كفره , ثم تبين أنه كافر , فإن الحنفية والحنابلة قالوا : إذا أمهم زمانا على أنه مسلم , ثم ظهر أنه كان كافرا , فليس عليهم إعادة الصلاة , لأنها كانت محكوما بصحتها , وخبره غير مقبول في الديانات لفسقه باعترافه .
2- ( العقل ) :
يشترط في الإمام أن يكون عاقلا , وهذا الشرط أيضا متفق عليه بين الفقهاء , فلا تصح إمامة السكران , ولا إمامة المجنون المطبق , ولا إمامة المجنون غير المطبق حال جنونه , وذلك لعدم صحة صلاتهم لأنفسهم فلا تبنى عليها صلاة غيرهم . أما الذي يجن ويفيق , فتصح إمامته حال إفاقته .
3- ( البلوغ ) :
جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية والحنابلة ) على أنه يشترط لصحة الإمامة في صلاة الفرض أن يكون الإمام بالغا , فلا تصح إمامة مميز لبالغ في فرض عندهم , لما ورد عن النبي ﷺ أنه قال : { لا تقدموا صبيانكم } , ولأنها حال كمال والصبي ليس من أهلها , ولأن الإمام ضامن وليس هو من أهل الضمان , ولأنه لا يؤمن معه الإخلال بالقراءة حال السر .
ولأن صلاة الصبي نافلة فلا يجوز بناء الفرض عليها .
أما في غير الفرض كصلاة الكسوف أو التراويح فتصح إمامة المميز للبالغ عند جمهور الفقهاء ( المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية ) لأنه لا يلزم منها بناء القوي على الضعيف .
ولم يشترط الشافعية في الإمام أن يكون بالغا , فتصح إمامة المميز للبالغ عندهم مطلقا , سواء أكانت في الفرائض أم النوافل , لحديث {عمرو بن سلمة أنه كان يؤم قومه على عهد رسول الله ﷺ وهو ابن ست أو سبع سنين} لكنهم قالوا : البالغ أولى من الصبي .
أما إمامة المميز لمثله فجائزة في الصلوات الخمس وغيرها عند جميع الفقهاء .
4- ( الذكورة ) :
يشترط لإمامة الرجال أن يكون الإمام ذكرا , فلا تصح إمامة المرأة للرجال , وهذا متفق عليه بين الفقهاء , لما ورد في الحديث أن النبي ﷺ قال : { أخروهن من حيث أخرهن الله } والأمر بتأخيرهن نهي عن الصلاة خلفهن . ولما روى جابر مرفوعا : { لا تؤمن امرأة رجلا } ولأن في إمامتها للرجال افتتانا بها .
أما إمامة المرأة للنساء فجائزة عند جمهور الفقهاء ( وهم الحنفية والشافعية والحنابلة ) واستدل الجمهور لجواز إمامة المرأة للنساء بحديث { أم ورقة أن النبي ﷺ أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها } .
لكن كره الحنفية إمامتها لهن , لأنها لا تخلو عن نقص واجب أو مندوب , فإنه يكره لهن الأذان والإقامة , ويكره تقدم المرأة الإمام عليهن . فإذا صلت النساء صلاة الجماعة بإمامة امرأة وقفت المرأة الإمام وسطهن .
أما المالكية فلا تجوز إمامة المرأة عندهم مطلقا ولو لمثلها في فرض أو نفل .
ولا تصح إمامة الخنثى للرجال ولا لمثلها بلا خلاف , لاحتمال أن تكون امرأة والمقتدي رجلا , وتصح إمامتها للنساء مع الكراهة أو بدونها عند جمهور الفقهاء , خلافا للمالكية حيث صرحوا بعدم جوازها مطلقا .
5- ( القدرة على القراءة ) :
يشترط في الإمام أن يكون قادرا على القراءة وحافظا مقدار ما يتوقف عليه صحة الصلاة .
وهذا الشرط إنما يعتبر إذا كان بين المقتدين من يقدر على القراءة , أما إمامة الأمي للأمي والأخرس فجائزة , وهذا متفق عليه بين الفقهاء .
6 - ( السلامة من الأعذار ) :
يشترط في الإمام إذا كان يؤم الأصحاء أن يكون سالما من الأعذار , كسلس البول وانفلات الريح والجرح السائل والرعاف , وهذا عند الحنفية والحنابلة , وهو رواية عند الشافعية , لأن أصحاب الأعذار يصلون مع الحدث حقيقة , وإنما تجوز صلاتهم لعذر , ولا يتعدى العذر لغيرهم لعدم الضرورة , ولأن الإمام ضامن , بمعنى أن صلاته تضمن صلاة المقتدي , والشيء لا يضمن ما هو فوقه .
ولا يشترط في المشهور عند المالكية - وهو الأصح عند الشافعية - السلامة من العذر لصحة الإمامة , لأن الأحداث إذا عفي عنها في حق صاحبها عفي عنها في حق غيره .
وأما إمامة صاحب العذر لمثله فجائزة باتفاق الفقهاء مطلقا , أو إن اتحد عذرهما .
7- ( القدرة على توفية أركان الصلاة ) :
يشترط في الإمام أن يكون قادرا على توفية الأركان , وهذا إذا كان يصلي بالأصحاء ،
واختلفوا في صحة إمامة القاعد للقائم , فالمالكية والحنابلة لا يجوزونها , لأن فيه بناء القوي على الضعيف , واستثنى الحنابلة إمام الحي إذا كان مرضه مما يرجى زواله , فأجازوا إمامته. والشافعية يقولون بالجواز , وهو قول أكثر الحنفية , لحديث عائشة أن النبي ﷺ { صلى آخر صلاة صلاها بالناس قاعدا , والقوم خلفه قيام } .
أما إمامة العاجز عن توفية الأركان لمثله فجائزة باتفاق الفقهاء .
8 - ( السلامة من فقد شرط من شروط الصلاة ) :
يشترط في الإمام السلامة من فقد شرط من شروط صحة الصلاة كالطهارة من حدث أو خبث , ولا فرق بين الحدث الأكبر والأصغر , ولا بين نجاسة الثوب والبدن والمكان .
وصرح المالكية والشافعية أن علم المقتدي بحدث الإمام بعد الصلاة مغتفر , وقال الحنفية : من اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث أعاد لقول النبي ﷺ : { من أم قوما ثم ظهر أنه كان محدثا أو جنبا أعاد صلاته } .
9- ( النية ) :
يشترط في الإمام عند الحنابلة نية الإمامة . ولو أحرم منفردا ثم جاء آخر فصلى معه , فنوى إمامته صح في النفل , لحديث { ابن عباس أنه قال : بت عند خالتي ميمونة , فقام النبي ﷺ متطوعا من الليل , فقام إلى القربة فتوضأ , فقام فصلى , فقمت لما رأيته صنع ذلك , فتوضأت من القربة , ثم قمت إلى شقه الأيسر , فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك إلى الشق الأيمن } .
أما في الفرض فإن كان ينتظر أحدا , كإمام المسجد يحرم وحده , وينتظر من يأتي فيصلي معه , فيجوز ذلك أيضا .
واختار ابن قدامة أن الفرض كالنفل في صحة صلاة من أحرم منفردا ثم نوى أن يكون إماما .
ولا يشترط نية الإمام الإمامة عند المالكية والشافعية , إلا في الجمعة والصلاة المعادة , لكنه يستحب عندهم للإمام أن ينوي الإمامة في سائر الصلوات للخروج من خلاف الموجب لها , وليحوز فضيلة الإمامة وصلاة الجماعة .