دخول الحيوانات والطيور الجنة:

إن بعض المفسرين قال: هناك عشرةٌ من دواب الدنيا تدخل الجنة وهي:
-البُراق الذي ركبه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة الإسراء.
-ناقة صالح التي عَقَرَها المُكذبون.
-حمار العُزَيْر الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه فوجد حماره بجواره كما هو.
-العجل الذي ذبحه إبراهيم لضيفه من الملائكة.
-الكبش الذي فدى الله به إسماعيل من الذبح لرؤيا أبيه.
-الهُدهد الذي أتى بالأخبار لسُلَيْمان عن ملكة سبأ.
-النملة التي قالت (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَايَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُه وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ).
-كلب أهل الكهف.
-الحوت الذي التقم يونس.
-بقرة بني إسرائيل التي دلَّت على القاتل لما ضُرب ببعض أجزائها.

ونقل الآلوسي عند تفسير: (وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيِدِ) أن سائر الحيوانات المُسْتَحسنة في الدنيا كالظِّباء والطواويس وما ينتفع بها المُؤمن كالغَنم تدْخُل الجنة على كيفية لائقةٍ، ولكن ليس في ذلك خبرٌ يُعَوَّل عليه.

هل يخلق الله حيوانات وطيور في الجنة:

من الجائز أن يخلُق الله حيواناتٍ وطيورًا لمُتْعة أهل الجنة تُشْبِه ما في الدنيا في الصورة وتخالفُها في المادة، فقد صحَّ في مُسلم أن أرواح الشُّهداء في جوْف طيرٍ خُضر لها قناديل مُعَلَّقة بالعرْش تسرَحُ من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل.
وروى الترمذي بإسناد ضعيف أن النَّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأعرابي “إن دخلتَ الجنة أُتيت بفرس من ياقوتةٍ لها جَناحان فتُحْمَل عليها فتطير بك في الجنة حيث شِئْتَ”.
وذكر ابن عدي بإسناد ضعيف حديثًا جاء فيه “إنَّ أهل الجنة يتزاورون على نَجَائبَ بيضٍ كأنهن الياقوت”.
كما نقل الدميري (808هـ) في “حياة الحيوان الكبرى” مادة خيل حديثًا فيه “إن في الجنة شجرة يخرج من أعلاها حُلل ومن أسفلها خيل بلق من ذهب مُسَرَّجة مُلَجَّمة من دُرٍّ وياقوت ولا تروث ولا تبول، لها أجنحة خُطواتها مَد بصرها يركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاءوا، وأنها للصائمين القائمين المُنفقين المجاهدين.

وأحاديث الآحاد وإن كانت لا تثبت بها عقيدة، لكن لا مانع من أن يخلُق الله في الجنة خَلْقًا على صِفة خاصة لمُتعة أهلها كالحور العين، أما دخول حيوانات في الجنة فلا دليل عليه، حيث إنها غير مُكَلَّفة لا ثواب لها، ومن لم يُصَدِّق ذلك فلا يُخْدَش إيمانه.

هل صحيح أن هناك دوابَّ ستدخل الجنة:

معلومٌ أن أمور الغيب ومنها أحوال الآخرة لا تُعْرَف إِلَّا عن طريق الخبر الصحيح الثابت في القرآن والسُّنَّة ، ولم يَرِدْ دليل يُعْتَمد عليه في دخول الحيوانات الجنة، وإن كان هناك حَشْر لها كما سبق الكلام عليه في صفحة 409 من المجلد الخامس من هذه الفتاوى.
وقد جاء في حاشية الدردير على قِصة الإسراء والمِعراج للقيطي أن عشرةً من الحيوانات قد تدخلها وهي: البُراق وناقة صالح وحِمار العُزَير وعِجل إبراهيم وكبش إسماعيل وهُدْهُد سليمان ونملته وكلب أهل الكهف وحوت يونس وبقرة بني إسرائيل.
وسُئل المرحوم الشيخ محمد بخيت المُطيعي المُفتي الأسبق عن ذلك فقال: راجعنا معظم كتب التفسير والحديث والتوحيد فلم نجد ما يُثْبِت ذلك من حديث صحيح يُعْتَمد عليه، بل رأينا ما ينفي دخول تلك الحيوانات العشرة الجنة، ونُقِل عن بعض كتب التفسير أقوالاً في دخولها، بل ودخول سائر الحيوانات المُسْتَحسنة في الدنيا كالظباء والطواويس وما ينتفع به المؤمن كالغنم، ولكن على كيفية تليق بذلك المكان وتلك النشأة، وليس فيما ذُكِرَ خبر يعول عليه فيما أعلم “الآلوسي” نعم في الجنة حيوانات مخلوقة فيها، وفي خبر يفهم من الترمذي صحة التصريح بالخيل منها والله أعلم وقال: وقد اشتهر القول بدخول كلب أهل الكهف الجنة.

ونقل عن تفسير ابن كثير أنهم اختلفوا في لون هذا الكلب على أقوال لا حاصل لها، ولا طائل تحتها ولا دليل عليها، ولا حاجة إليها، بل هي مما ينهى عنه، فإن مُسْتَندها رَجْمٌ بالغَيْبِ.
“مجلة الإسلام ـ المجلد الثالث ـ العدد 25”.