الجماع من المتع التي يتمتع بها أهل الجنة، حيث يتزوج كل رجل عددا من الحور العين ونساء المؤمنات، وأما الإنجاب أو التكاثر والتوالد المترتب على الجماع فالغالب على الظن أنه يوجد إذا اشتهاه أحد من أهل الجنة ، فإذا اشتهى الرجل ولدا له حدث له الولد من الإنجاب بإذن الله تعالى ، كما قال سبحانه ( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم).

فقد أعدَّ الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، حتى إن أقل أهل الجنة نعيماً ليظن نفسه أنه أكثرهم نعيماً ، كما جاء في حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي قال : ” إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ ، وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلٍّ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلِّهَا .. ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ فَتَقُولانِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ قَالَ فَيَقُولُ مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ ” رواه مسلم.

وإن مما أعده الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين في الجنة ” الحور العين ” ، يقول تعالى : ( كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) الدخان . وقال تعالى : ( مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) الطور .

يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد :
الحور العين في غاية الجمال حتى إن مخ ساقيها ليرى من تحت الثياب ، قال تعالى في وصفهن : ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) الرحمن . وقال تعالى : ( وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ) الواقعة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال : ” أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ لا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلا تَحَاسُدَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ ” رواه البخاري .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت الرسول يقول : ” لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ – يَعْنِي سَوْطَهُ – خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ” رواه البخاري

ويجامع الرجل في الجنة زوجاته من الحور وزوجاته من أهل الدنيا إذا دخلن معه الجنة ، ويعطى الرجل قوة مائة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع .

عن أنس رضي الله عنه عن النبي قال : ” يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْجِمَاعِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ ” رواه الترمذي ،وقال : صحيح غريب .

وعن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله قال : ” إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ : فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ ؟! قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَاجَةُ أَحَدِهِمْ عَرَقٌ يَفِيضُ مِنْ جِلْدِهِ فَإِذَا بَطْنُهُ قَدْ ضَمُرَ ” رواه أحمد ، والدارمي.
وقال المفسرون في قوله تعالى : في شغل فاكهون :
قال عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما في قوله تبارك وتعالى : ( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ) قالوا : شغلهم افتضاض الأبكار، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عنه : في شغل فاكهون أي : بسماع الأوتار، وقال أبو حاتم: لعله غلط من المستمع ، وإنما هو افتضاض الأبكار ( تفسير ابن كثير)

أما الولد ، فقد اختلف أهل العلم هل يكون ولد من الجماع أم لا ، فقال بعضهم : إنه يكون الولد إذا اشتهاه الرجل ، ويكون الحمل والوضع في ساعة ، لما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي قال : ” إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا اشْتَهَى ” رواه الترمذي ، والدارمي ، وأحمد وابن ماجه .