يقول الشيخ الدكتور نصر فريد واصل-رحمه الله تعالى- مفى مصر السابق:
يقول الله تعالى: (وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سَبيلاً) (آل عمران: 97) من هذه الآية يَتَّضِحُ أن مِن شروط وُجوب الحجِّ الاستطاعة، وهي تشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية، فمن ملَك زادًا وراحلة وتوافرت فيه باقي شُروط وُجوب الحج وَجَبَ عليه أن يَحجَّ لتحقيق الاستطاعة، ومَن لم يَجد زادًا ولا راحلةً فلا حجَّ عليه.
وقد اتفق فقهاء الإسلام على أنه إذا لم يكن للمُكلَّف مال لم يلزمه الحج، وإن وهَب له أجنبيٌّ مالاً ليَحجَّ به لم يَلزمه قبوله إجماعًا، وإن قبِله وحجَّ به صحَّ حجُّه وسقطتْ عنه الفريضة.
إن الحجَّ جائز دائمًا إذا كان المالُ حلالاً، سواء أكان ذلك المال من مال الشخص نفسه أم كان من مال الغير المُتبرّع به عن طيب نفس.
وقد كان بعض الصالحين الأثرياء من سلَفنا الصالح يَحجُّ ويأخذ معه مجموعة من الفقراء الذين لم يُؤدُّوا فريضةَ الحج فيُنفق عليهم.
فقد كان الإمام عبد الله بن المُبارك يحجُّ على نفقته كل عام عشرات ممَّن لم يَحجُّوا من قبلُ، وهي سُنة جميلة لها ثوابها الجزيل. ولذلك فإن المال المُهدَى مِن الغير يَجوز الحجُّ به إذا بَرِئ من الشبهات.
وبناء على ما ذُكر فإنه إذا كان المال الذي سيُساهم به البنك في جزء من تكاليفِ نفقات حجِّ العاملين به مَملوكًا ملكيةً خالصةً للبنك، أو مِن أرباحه المُخصَّصة له، خاليًا من مَظِنَّة الشُّبهة، وليس من أصل أموال المُودِعِين أو المُؤسسِين أو أرباحهم، فإنه لا مانعَ شرعًا من مُساعدة العاملين بالبنك المُحتاجين بجزء من هذه الأموال إذا ما قبِلُوه لهذا الغرَض، ولا يَنقُص أو يُخلُّ بسلامة أداء مناسك الحج للعاملين به.