حديث سيدنا معاذ ثابت وصحيح ، ونصه أن النبي ـ ﷺ ـ لما بعث معاذا إلى اليمن، قال له: بم تقضي، قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد، قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد، قال: فبرأيي ، وفي رواية : قال : أجتهد رأيي ولا آلو ـ أقصر ـ ، فضرب رسول الله ﷺ بيده على كتفي وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله إلى ما يحبه الله ورسوله .
وقد استدل العلماء به على مشروعية القياس ، وأجمعوا على أن القياس مصدر من مصادر التشريع الإسلامي ، ولكنهم وضعوا شروطا لمن يقوم بالقياس لا تتوافر إلا في الأفذاذ النابغين من العلماء الصالحين.
يقول الشيخ إبراهيم جلهوم:
فهذا الحديث الشريف رواه أبو داود ورواه الترمذي، وهو أن النبي ـ ﷺ ـ لما بعث معاذا إلى اليمن، قال له: بم تقضي، قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد، قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد، قال: فبرأيي.
وقد جاء في مقدمة الطبعة الثانية لكتاب الفقه على المذاهب الأربعة بعد ذكر هذا الحديث: “وليس الرأي هنا إلا الاجتهاد، وقياس الأمور بأشباهها أو العمل بقواعد الشريعة العامة، وهو ما يسمى الآن بقواعد العدل الطبيعي ولا يقدر على مثل هذا إلا العلماء الحذاق، الذين عندهم بصر بما تضمنه كتاب الله، وسنة رسوله ـ ﷺ”.
وفي كتاب الملل والنحل للشهرستاني: “وقد استفاض الخبر عن النبي ـ ﷺ ـ أنه لما بعث معاذا إلى اليمن… وذكر الحديث، وفي ختامه: فقال النبي ـ ﷺ: ” الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضاه” وبناء على ما تقدم فرواية أبي داود، والترمذي لهذا الحديث الشريف واستفاضة الخبر به، نجعله صالحا لللاستدلال به على جواز القياس في الإسلام.
ولكن لا يخفى على كل مسلم أن الذي يقوم بهذه المهمة الجليلة هو العالم الحاذق البصير بالكتاب والسنة، البريء من نوازع الأهواء والشهوات، الذي يبتغي وجه الله في قوله وعمله وفتواه، والخائف دائما من مقام الله .