أمر الإسلام بالعدل بين الأولاد ،وأن يعطى كل ولد حقه ،وبعض الأبناء يتركون الدراسة ويعملون مع أبيهم ،فهنا يجب على الأب أن يقدر تعب ابنه هذا معه ،وأن يعطيه مقابل ما بذله معه من جهد ،ولا يجوز له أن يكتب وصية لأبناء ولده ،لأن هذا تصرف لا يجوز شرعا ،وذلك لأن الولد ما زال حيا ،وهو الذي عمل معه ،فهو صاحب الحق وليس أولاده.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي الأستاذ بجامعة الأزهر:
إن الواجب على الآباء أن يعدلوا بين أبنائهم قدر استطاعتهم، وألا يفضلوا واحدًا على إخوته، فإن ذلك يزرع العداوة والبغضاء بينهم، ويقطع أرحامهم، ومن العدل أن يعوض الأب ابنه الذي يعمل معه في أرضه أو متجره أو مصنعه، فيعطيه أجر عمله، ويعطيه مثل ما أنفقه على أخيه الذي تعلم وأكمل تعليمه، وذلك الأجر هو حقه الذي يجب أن يصل إليه، ثم يكون ما يملكه الأب بعد ذلك تركة عند وفاته، تقسم حسب الميراث الشرعي الذي فرضه الله تعالى، وأوصى به، وجعله حدًا من الحدود الذي يحرم تعديها {ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون}.
فعلى الأب أن يعطي ابنه الذي يعمل معه أجر عمله، وما يماثل ما أنفقه على تعليم ابنه الثاني، ثم بعد الوفاة تقسم التركة بين الورثة، فيأخذ كل وارث نصيبه كما فرضه الله تعالى، ولا داعي لأن يكتب وصية بثلث ماله لأولاد ابنه الذي يعمل معه.
-فإنه لا يدري هل يبقى هذا المال، أو يزول؟
-ولا يدري كم يكون مقداره عند الوفاة؟
-وهل تكافئ الوصية حق الابن وأجره أم لا تكافئه؟
-وإذا كان الأجر والحق للابن، فلماذا يدفع إلى أولاده، ولا يدفع إليه، ليتصرف فيه تصرف الملاك؟
-ولماذا يؤخر الحق إلى ما بعد الموت، مع أنه واجب الأداء مقابل عمله الذي يؤديه؟
إن تفكير الأب من الوصية لأولاد ابنه الذي يعمل معه، أو إجراء عقد بيع وشراء لهم بمقدار ثلث التركة، لا يحقق العدل الذي أمر به الله ورسوله، وفيه صرف الحق إلى غير مستحقه، واذا كان الابن ما يزال حيًا، وهو صاحب الحق، فلا يصرف إلى غيره، فيجب التصرف بما يحقق العدل بين الأبناء، ويعطي كل ذي حق حقه.