حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
ما هو الجدال المنهي عنه في الحج:
اختلف العلماء حول تفسير الجدال المنهي عنه في الحج وكل المعاني تدور حول المشاحنة التي تولد البغضاء وتذهب روحانيات الحاج ولايدخل في الجدال المنهي عنه المساومة في البيع والشراء ما دامت هذه المساومة لاتغضب أحد طرفي العقد وتوغر صدره من أخية
معنى قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج:
يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف:
قال الله –تعالى-: ” الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ…” الجدال: من المجادلة، وهي مشتقة من الجدْل وهو الفتل. ومنه قولهم: زمام مجدول؛ أي مفتول.
واختلف العلماء في المعنى المراد به في الآية إلى أقوال أهمها:
الأول: أن تماري مسلمًا حتى تغضبه؛ فينتهي الأمر إلى الخصومة والسباب، وهو قول ابن مسعود، وابن عباس وعطاء، أما مذاكرة العلم والمناظرة فيه والمناقشة حوله فلا يدخل في الجدال المنهي عنه .
الثاني: إن المراد به صريح السباب وهو قول قتادة.
الثالث: أن يختلف الناس، أيهم صادف موقف سيدنا إبراهيم -عليه السلام- كما كانوا يفعلون في الجاهلية، حين كانت قريش تقف في غير موقف العربي، ثم يتجادلون في ذلك. ومعنى الآية: لا جدال في مواضع الحج.
الرابع: أن تقول طائفة: الحج اليوم، وتقول أخرى: بل الحج غدا؛ يعني يوم عرفة. والمعنى على هذا أن لا جدال في وقوف الحاج يوم عرفة.
الخامس: الجدال المنهي عنه هو الجدال في الشهور بالتقديم والتأخير، كما كانت العرب تفعله وتسميه النسيء. وقد قال الله – تعالى -: “إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ ” (التوبة: 37). قال مجاهد: فهم ربما يجعلون الحج في غير ذي الحجة، وقد يقف بعضهم في مزدلفة، وبعضهم في عرفات. ومعنى الآية: النهي عن الجدال في مكان الحج أو زمانه.
ويشهد لهذا التأويل أن النبي -ﷺ- قال في حجة الوداع: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض…” أي رجع أمر الحج كما كان؛ أي عاد إلى يومه ووقته الصحيح. وقال النبي -ﷺ- : “خذوا عني مناسككم”، فبين بهذا مواقف الحج ومواضعه.
السادس: أن الجدال المنهي عنه هو أن تقول طائفة: “حجُّنا أبرُّ من حجكم”، ويقول الآخر مثل ذلك، وهو قول محمد بن كعب القرظي -رضي الله عنه-. وهكذا، ليس من الجدال المنهي عنه المساومة في البيع والشراء والكراء والاستئجار وغيرها من العقود التي تتطلب الأخذ والرد، ما لم تؤدِّ المساومة إلى غضب أحد طرفي العقد أو كليهما؛ وهو ما يؤدي إلى السباب ونحوه مما لا يليق بخلق المسلم في كل زمان ومكان وبخاصة في موسم الحج، وأثناء أداء مناسكه المقدسة.