استماع الخطبة من المذياع لا تكون جمعة ،كما وردت عن النبي ﷺ ،فأيما قوم لم يأت خطيبهم ،وجب على أحدهم أن يقوم خطيبا فيهم ،فيحمد الله ويثني عليه ويذكرهم بتقوى الله ،وليفعل ذلك في الخطبتين ،فإن استمعوا للمذياع ،صلوا الجمعة ظهرا،لأن الجمعة لم تصح منهم.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي الأستاذ بجامعة الأزهر:
إن خطبة الجمعة واجبة قبل الصلاة، ولا تصح صلاة الجمعة بدون الخطبة، فقد ورد في الأثر عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن صلاة الجمعة فرضت ركعتين لمكان الخطبة منها؛ أي أن الخطبة في مكان ركعتين من الصلاة؛ ولذلك يجب اشتمالها على حمد الله تعالى، والتشهد، والصلاة والسلام على رسول الله ـ ﷺ ـ وقراءة آية من القرآن، والأمر بتقوى الله تعالى.
وللخطبة سنن وآداب مأخوذة من فعل رسول الله ـ ﷺ ـ وآداب للاستماع، والإنصات، والإقبال على الخطيب، وعدم الكلام أثناء الخطبة، وقد تواتر أداء الخطبة على المنبر من عهد رسول الله ـ ﷺ ـ وصحابته والتابعين ومن بعدهم إلى يومنا هذا بإجماع عام من المسلمين، جعلها من شعائر الإسلام على النحو الذي نقل عن رسول الله وسائر المسلمين، وقد وردت أحاديث كثيرة في بيان هيئات الخطبتين وآدابهما، كما وردت أحاديث تبين فضل من أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ﷺ: “من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام”. رواه مسلم.
وعن أبي بردة قال سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول عن ساعة الإجابة: “هي ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تُقضى الصلاة”. رواه مسلم.
فمن يصلي صلاة الجمعة بدون خطيب يقبل عليه بوجهه، وينصت إليه أين يجد المغفرة كما في حديث أبي هريرة؟ وأين يجد ساعة الإجابة كما في حديث أبي بردة؟ ومن يكتفي بخطبة المذياع، هل يكون بذلك متبعًا لرسول الله ـ ﷺ ـ في خطبته وأمره ونهيه؟ وهل يكون مع جماعة المسلمين من العهد الأول إلى يوم الناس هذا، أم يكون مبتدعًا في دين الله ما ليس منه، وما لم يفعله المسلمون قبله؟ ولا يعبد الله إلا بما شرع، فلا خطبة ولا جمعة إلا كما أداها رسول الله ـ ﷺ ـ وأمرنا بها في قوله: “صلوا كما رأيتموني أصلي”. ومن فعل غير ذلك فجمعته باطلة، ويصليها ظهرًا على أن الدين يسر، ويكفي في الخطبة أن يقوم أحدكم، فيحمد الله، ويتشهد، ويصلي على رسول الله، ويقرأ آية من القرآن، ويقول: اتقوا الله عباد الله، ثم يجلس، ويفعل في الثانية كذلك، ويدعو الله بما يشاء، وذلك مما يستطيع أن يفعله أقل المسلمين ثقافة في دينه عندما لا تجدون في قريتكم أحدًا من العلماء.