يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
قال – ﷺ -: “كل مولود يولد على الفطرة”.
– وفي لفظ: “ما من مولود إلا ويولد على الفطرة”.
وفي رواية: “على فطرة الإسلام” .
وفي رواية زيادة: “حتى يُعْرِبَ عنه لسانه” – فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه” الحديث رواه أحمد والشيخان.
واستدل به على أن الصغير لا يحكم عليه قبل التمييز إلا بالإسلام الذي هو دين الفطرة ، حتى يميز ويعبر عن فكره فإنه يحكم له بالملة التي يختارها، وهو المراد برواية جابر عن أحمد : “حتى يعرب عنه لسانه ، فإذا أعرب عنه لسانه : فإما شاكرًا ، وإما كفورًا” .
-وينقل أهل الأثر صحة إسلام المميز عن أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وابن شيبة ، وعدمها عن الشافعي وزفر، واستدل على هذا بحديث “رُفِع القلم عن ثلاثة” ، وذكر منهم “الصبي حتى يبلغ” ، والحديث حسنه الترمذي ، وفيه بحث .
وأجيب عنه : بأن الإسلام يكتب له لا عليه ، وإنما يدل الحديث على أنه يؤاخذ لا على أنه لا يقبل إسلامه ، كيف وقد كان النبي- ﷺ – يقبل إسلام الصغار لا يرد أحدًا ، ومن المشهور الذي لا يرده أحد من المختلفين في المسألة ، إسلام علي – كرم الله وجهه – وهو دون البلوغ ، قال عروة : أسلم علي والزبير وهما ابنا ثمان سنين ، وبايع النبي ﷺ – ابن الزبير ، لسبع أو ثمان سنين .
وقد يصح الاستدلال بالحديث على أن من دون البلوغ ؛ لا تصح ردته عن الإسلام ، وهي رواية عن أحمد والمذهب : الأول ؛ أي : أن المميز يصح إسلامه وردته ، وفي رواية ثالثة : لا يصح شيء منهما.
-على أن المميز الذي في حجر والديه يكون تابعًا لهما في الأحكام الدنيوية ، وإن قلنا بصحة إسلامه على المختار ، حتى يبلغ سن الرشد أو يخير ، كما أمر النبي- ﷺ – بتخيير أولاد أصحابه ؛ الذين كانوا متهودين مع بني النضير وكانوا أرادوا إكراههم على الإسلام ، وفيهم نزل [ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ] .