يقول الشيخ محمد صالح المنجد:- اعلم أن جميع الكفار الذين بلغتهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخلوا في دين الإسلام فهم في النار ، قال الله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) البينة / 6.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) رواه مسلم .

وليست العبرة أن تكون أخلاقهم حميدة ، بل العبرة انقيادهم لله تعالى ولأوامره ، ألا ترى إلى المجوسي أو البوذي الذي يعبد النار مثلا أو الأصنام من دون الله ، ولم يعبد الله ، ويقر له بالعبودية دونما سواه ، وكذلك النصارى الذين قالوا إن الله اتخذ ولدا ، وغيرهم من المشركين هؤلاء أساءوا الأدب مع الله تعالى ، وسبوه وشتموه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد، ولم أولد ولم يكن لي كفئاً أحد ) رواه البخاري.
فهؤلاء كيف تكون أخلاقهم حميدة وهم يسيئون الأدب مع الله عز وجل ، مع أن الله عز وجل جعل لهم الأسماع والأبصار ، ويسر لهم كل شي ، وأرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ، وأسبغ عليهم نعمه ، فكان حقه عليهم أن يشكروه فلا يكفروه ، فلما لم يمتثلوا ذلك استحقوا غضب الله ونقمته ، قال تعالى: ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً).

وأما حال أطفالهم الذين ماتوا في الصغر ، فسئل عنهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فقال:-
” إذا مات غير المكلف بين والدين كافرين فحكمه حكمهما في أحكام الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
أما في الآخرة فأمره إلى الله سبحانه ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل عن أولاد المشركين قال : ( الله أعلم بما كانوا عاملين ) رواه البخاري .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن علم الله سبحانه فيهم يظهر يوم القيامة ، وأنهم يمتحنون كما يمتحن أهل الفترة ونحوهم ، فإن أجابوا إلى ما يطلب منهم دخلوا الجنة ، وإن عصوا دخلوا النار ، وقد صحت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في امتحان أهل الفترة يوم القيامة ، وهم الذين لم تبلغهم دعوة الرسل ومن كان في حكمهم كأطفال المشركين لقول لله عزوجل : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء / 15 ، وهذا القول أصح الأقوال في أهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الدعوة الإلهية ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجماعة من السلف والخلف رحمة الله عليهم جميعا “