التبني المحرم هو نسب الابن لغير أبيه، أما الرعاية والتربية فلا تحرم، ويجوز للمرأة العقيم أن تدر اللبن منها مادام اللبن قد خرج منها، فهو لبن طبيعي، ويكون الولد الذي رضع منها ابنا لها من الرضاعة .
يقول الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي من علماء الأزهر:
كون التبني حرامًا فذلك صحيح على معنى أن ينسب الرجل الطفل إليه فيحمل نسبه اسمًا ولقبًا، وذلك منهي عنه شرعًا لقوله تعالى: “ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا .” الأحزاب 5
ولا يمنع هذا من التعهد والتربية والكفالة لهذا الطفل؛ حتى يبلغ أشده ورشده، ويستقل بخدمة نفسه، ويشق طريقه في الحياة راشدا. فذلك من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى الله عند الاحتساب .
وكون الابن المتبنَّى وجوده في البيت يُوجِد حرجًا بالنسبة لزوجة المربي؛ لكونه ليس محرما، فهو صحيح، وتشتد الحرمة عند البلوغ؛ لأنه يكون بذلك قد ظهر على عورات النساء .
وليس الأمر قاصرا على الابن المتبنى الذكر فحسب، وإنما يتجاوزه إلى البنت كذلك إذا بلغت، فوجودها في البيت بعد بلوغ الرشد، وليست بمحرم للمربي، فيه من الحرمة ما يترتب عليه من مفاسد كثيرة؛ فليس لها أن تبدي زينتها لمن رباها .
أما بالنسبة للإرضاع الذي تترتب عليه الحرمة؛ فهو مرهون بأمرين:
السن بالنسبة للطفل.
والأمر الثاني لعدد مرات الإرضاع .
أما السن ففي الحديث: “ما أنبت اللحم وأنشذ العظم..” الحديث. وذلك لا يكون إلا في العامين الأولين من سني حياة الطفل أو الطفلة .
وبالنسبة للعدد فلابد أن يبلغ (5 ) رضعات متفرقات مشبعات، فإذا وقعت رضاعة بعد العامين الأولين، أو وقعت خلال العامين الأولين ولم تبلغ العدد المذكور؛ فلا يؤثر في التحريم؛ إذ لا تحرم الماصة ولا المصتان، كما ورد في الحديث .
وقد قلنا: إن الرضاعة التي تؤثر ويترتب عليها التحريم أن يكون الطفل في العامين الأولين من سني حياته، وأن تبلغ عدد مرات الرضاعة خمس مرات متفرقات .
ولعل مما يرد إلى الذهن مما يعترض به على هذا، ويأخذه البعض دليلا يتكئ عليه؛ فيجيز لهذه المرأة هذا الصنيع- ما ورد من رضاعة “سالم” مولى “أبي حذيفة”، ولم يكن في العامين الأولين؛ فلعلها واقعة عين، ومن المعلوم أصوليا أن واقعة العين لا تأخذ حكم التعميم .
بالنسبة لعملية إدرار اللبن من الثديين؛ سواء كان طبيعيا وبدون تدخل الآلات الحديثة، أو باستخدام أدوية تؤدي إلى الإدرار، وما دام لبنا طبيعيا فهي من المباحات، ولا يترتب عليها حكم شرعي، والاعتبار لسن الطفل الذي يتم إرضاعه، وعدد مرات الإرضاع في المقام الأول.