سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة:
1- الزيادة.
2- والنقص.
3- والشك.
فالزيادة:مثل أن يزيد الإنسان ركوعاً أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً.
والنقص:مثل أن ينقص الإنسان ركناً، أو ينقص واجباً من واجبات الصلاة.
والشك:أن يتردد، كم صلى ثلاثاً، أم أربعاً مثلاً.
1 -أما الزيادة: فإن الإنسان إذا زاد الصلاة ركوعاً أو سجوداً أو قياماً أو قعوداً متعمداً بطلت صلاته، لأنه إذا زاد فقد أتى بالصلاة على غير الوجه الذي أمره به الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد” .[1]
أما إذا زاد ذلك ناسياً فإن صلاته لا تبطل ، ولكنه يسجد للسهو بعد السلام، ودليل ذلك حديث أبي هريرة– رضي الله عنه – حين سلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الركعتين في إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر فلما ذكروه أتى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بما بقى من صلاته، ثم سلم ثم سجد سجدتين بعدما سلم. [2] وحديث ابن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بهم الظهر خمساً فلما انصرف قيل له أزيد في الصلاة ؟ قال: (( وما ذاك ))؟ قالوا : صليت خمساً . فثنى رجليه واستقبل القبلة ، وسجد سجدتين .[3]
2 – أما النقص : فإن نقص الإنسان ركناً من أركان الصلاةفلا يخلو :
أ – إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده .
ب – إما أن لا يذكره إلا حين يصل إلى موضعه من الركعة الثانية ، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن التي ترك ركناً منها فيأتي بدلها بركعة ، وفي هاتين الحالين يسجد بعد السلام ، مثال ذلك : رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى ولم يجلس ولم يسجد السجدة الثانية ولما شرع في القراءة ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين ، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين ، ثم يسجد ، ثم يقوم فيأتي بما بقي من صلاته ، ويسجد السهو بعد السلام .
ومثال لمن لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية :أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى ولم يسجد السجدة الثانية ولم يجلس بين السجدتين ، ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين في الركعة الثانية . ففي هذه الحال تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى ، ويزيد ركعة في صلاته ، ويسلم ثم يسجد للسهو .
أما نقص الواجب :فإذا نقص واجباً وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه مثل : أن ينسى قول (( سبحان ربي الأعلى )) ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود ، فهذا قد ترك واجباً من الواجبات الصلاة سهواً فميضي في صلاته ، ويسجد للسهو قبل السلام ، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما ترك التشهد الأول مضى في صلاته ولم يرجع وسجد للسهو قبل السلام .[4]
3 – أما الشك فإن الشك وهو : التردد بين الزيادة والنقص ، مثل : أن يتردد هل صلى ثلاثاً أو اربعاً فلا يخلو من حالتين :
أ – إما أن يترجح عنده أحد الطرفين الزيادة ، أو النقص ، فيبني على ما ترجح عنده ويتم عليه ويسجد للسهو بعد السلام.
ب -إما أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فيبنى على اليقين وهو الأقل ويتم عليه ، ويسجد للسهو قبل السلام مثل ذلك : رجل يصلى الظهر ثم شك هل هو في الركعة الثالثة أو الرابعة ، وترجح عنده أنها الثالثة فيأتي بركعة ، ثم يسلم ، ثم يسجد للسهو .
ومثال ما استوى فيه الأمران: رجل يصلي الظهر فشك هل هذه الركعة الثالثة ، أو الرابعة ، ولم يترجح عنده أنها الثالثة ، أو الرابعة فيبني على اليقين وهو الأقل ، ويجعلها الثالثة ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم .
وبهذا تبين أن سجود السهو يكون قبل السلام : في ما إذا ترك واجباً من الواجبات ، أو إذا شك في عدد الركعات ولم يترجح عنده أحد الطرفين .وأنه يكون بعد السلام : في ما إذا زاد في صلاته ، أو شك وترجح عنده أحد الطرفين.
[1]- بهذا اللفظ رواه مسلم ورواه البخاري معلقاً في البيوع باب 60، ورواه مسنداً في الصلح باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصالح مردود، ولكن بلفظ “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) (2697 ) ومسلم في الأقضية باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور ح18 (1718) وبلفظ : (( من أحدث )) ح17.
[2] – متفق عليه ، رواه البخاري في الصلاة باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره ( 482) مطولاً ، وفي الأذان مختصراً (714) و(715) وفي السهو (1226) وفي مواضع أخرى ، ورواه مسلم في المساجد باب السهو في الصلاة ح97 (573).
[3] – متفق عليه ، رواه البخاري في الصلاة باب ما جاء في القبلة ( 404) مختصراً و( 401) مطولاً ، وفي السهو ( 1227 ) وفي مواضع أخرى ، ورواه مسلم في الموضع السابق ح91 (572).
[4] – (1) من حديث عبد الله بن بحينة متفق عليه ، فرواه البخاري في الأذان باب من لم ير التشهد واجباً . . (829 ) ، وفي السهو (1224،1225) وفي مواضع أخرى ، ورواه مسلم في المساجد باب السهو في الصلاة ح85(570).