يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي – رحمه الله – في كتابه يسألونك:
الروح هي ما به حياة الإنسان، وليس في الدين نصوص صريحة محدَّدة، تشرح حقيقة الروح وجوهرها، ولعل الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يُفَصل الحديث عن ذَلك ليُتيح أمام الإنسان مجالاً للبحث والنظر. وقد يلْتقي هذا الفهم مع قوله الله ـ عز وجل ـ: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحِ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الإسراء:85). فقول الله ـ تعالى ـ هنا: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) قد يُحمل معنى الحَثِّ والإغراء على الازدياد من طلب العلم حتى يصير القليل بفضل الله كثيرًا، وهذا الفهم يُذكِّرنا بقول الله ـ سبحانه ـ: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طه:114).
مع قوله ـ عز وجل ـ: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) (النساء:113). وقوله أيضًا: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق:5 ). ومن تعريف القُدَماء للروح أنها جسم نوراني عُلوي حي مخالف للجسم المحسوس، وبوجودها تكونُ الحياة موجودة في هذا الجسم.
وقال بعضهم في تعريفها: إنَّها ذاتٌ لطيفة كالهواء، سارية في الجسد كسريان الماء في عُروق الشَّجَر، وكما أن الماء هو حياة الشجر وبدونه يموت، جعل الله الروح حياة للإنسان وببُعْدها عنه يموت.
ولقد طال خلاف العلماء قديمًا وحديثًا فيما يتعلَّق بالروح من ناحية بقائها وفنائها، ومن ناحية مَصْدرها ومُستَقرِّها، ولكنَّا نستطيع أن نفهم من الآثار الدِّينيَّة من الروح بعد مُفارقَتِها للبدن عند الموت، تبقى لها قوة إدراكٍ يَعلم حقيقتَها بارئُها ـ جلَّ جلاله ـ وتكون لها صلة بجسد صاحبها بعد موته على طريقة ما يعلم حقيقتها خالق الروح ـ سبحانه ـ وهي بهذه الصلة تعرف مَن يزور قبر صاحبها، ومن يُسلم عليه، وتُحس بالألم والسرور، وليس هنا نصٌّ صريح يدل على أنها ممنوعة من طَوافها ببعض جهات الأرض.