ينظر للمسجد الذي يبنى على نفقة غير المسلم، هل يقصد به إعلاء كلمة الله تعالى، ولا سلطان لأحد من غير المسلمين عليه، فإن كان كذلك فلا بأس بالصلاة فيه ويكون كأي مسجد للمسلمين، أما إن كان يقصد به شق صف المسلمين، وتفريق كلمتهم فهو مسجد ضرار ولا يُصلَّى فيه.
يقول فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله تعالى:
لمَّا بنى المنافقون مسجد الضِّرار لصرْف المسلمين عن مسجد المدينة هدَمه الرسول ـ ﷺ ـ امتثالًا لقوله ـ تعالى ـ: (والذينَ اتخذوا مسجدًا ضِرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنينَ وإرصادًا لمَن حاربَ اللهَ ورسولَهُ من قبلُ ولَيَحْلِفُنَّ إنْ أردنا إلا الحُسْنَى واللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لا تَقُمْ فيه أبدًا) .
والسبب في ذلك ـ كما ذكرت الآية ـ أن الغرض من بنائه كان إشاعة التفرقة بين المسلمين ونشر الأفكار الهدَّامة من طريقه.
فإذا كان غير المسلم بصفة عامة الذي يبني المسجد يقصد به نشر دِعايَة ضارَّة بالإسلام أو انحرافًا بالمسلمين عن أهدافهم، أو استغلاله لنفع خاصٍّ له أو لأحد غيره حُرِّمت الصلاة بمسجده، وإن لم يقصد شيئًا من ذلك وتركَه للمسلمين، يتصرفون فيه كما يشاءون، فعلى المسلمين المُحافظة عليه، ويستوي هو وغيره من مساجد المسلمين.
وعلى ذلك فالمسجد الذي يبنى على نفقة غير المسلم إذا لم يتركه للمسلمين . وتولَّى توجيه الإرشاد فيه بنفسه تُكرَه أو تَحْرُم الصلاة فيه، بحسب قوة تأثير التوجيه ومدى التحكُّم في الإدارة، وإذا تركه للمسلمين جازت الصلاة فيه وكان كغيره من المساجد.
والمساجد بيوت الله ـ تعالى ـ يجب أن تُصان عن الخبَث الحسي والمعنوي، وأن تكون منارات إشعاع يَهدِي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، وأي انحراف لها عن ذلك هو بمثابة هدم لها وخروج بها عن أهدافها.