الجلوس في المسجد عبادة ، ويباح الكلام في المسجد إذا كان الكلام مباحاً، ويكون الكلام حراماً إن تعدى إلى محرم، وينبغي للمسلم أن يشغل وقته في المسجد إما بالصلاة أو بالذكر والدعاء أو بقراءة القرآن .

يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ

إن حال كثير من المساجد اليوم محزن نتيجةً لجهل كثير من المسلمين بأحكام المساجد وآدابها، فترى في المساجد الحلقات التي يعقدها الناس ويدور الحديث فيها عن الأمور الدنيوية ، وإذا وقف الحديث عند الأمور المباحة فحسن ، ولكن كثيراً منهم يتجاوز المباح إلى الحرام فيتكلمون في أعراض الناس ويغتابونهم ونحو ذلك ، والأصل أن الجلوس في المسجد عبادة ، وينبغي للمسلم أن يشغل وقته في المسجد إما بالصلاة أو بالذكر والدعاء أو يقرأ القرآن فإن لم يفعل شيء من ذلك فلا يتجاوز الكلام في الأمور المباحة .

عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همهم إلا الدنيا وليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم ) رواه ابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وصححه الألباني .

ومن الأمور المخالفة للشرع والتي تشوش على المصلين والتالين والذاكرين ويفعلها الناس في المساجد ، البحث عن المفقودات فتسمع هذا يبحث عن نقوده وترى المؤذن يعلن عن وجود نقود أو نحوها ويطلب من صاحبها مراجعته وغير ذلك من الأمور التي نهى عنها الشارع الحكيم .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد الضالة فقولوا : لا رد الله عليك ) رواه الترمذي والدارمي وهو حديث صحيح . وفي رواية أخرى :( من سمع رجلاً ينشد في مسجد ضالة فليقل لا أداها الله إليك فإن المساجد لم تبن لهذا ) رواه مسلم .

وينبغي أن يعلم أن التشويش في المسجد على المصلين والتالين لكتاب الله والذاكرين لا يجوز حتى ولو كان ذلك بقراءة القرآن .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :( اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال : ألا إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذي بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة ) رواه أبو داوود بإسناد صحيح .
وورد في الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ) رواه مالك بسند صحيح قاله الألباني .

وقد همّ عمر بن الخطاب بتعزير من يرفعون أصواتهم في المسجد ، روى البخاري عن السائب بن يزيد قال : كنت قائماً في المسجد فحصبني رجل – أي رماني بحصاة – فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب فقال : اذهب فائتني بهذين ، فجئته بهما ، فقال : ممن أنتما ؟ قال : من أهل الطائف ، قال : لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

ومن التشويش الذي يقع الصياح الذي نسمعه من بعض المصلين في آخر المسجد عند إقامة الصلاة لإتمام الصفوف أو الدخول إلى داخل المسجد وهذا أمر لا يجوز لأن المسلم يوم الجمعة عليه أن يتقدم للصفوف الأولى ولا يترك فراغاً أمامه وهذه هي السنة كما ورد في الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام في حق القادم إلى المسجد يوم الجمعة :( … ودنا من الإمام ) أي اقترب من الإمام ثم إذا إقيمت الصلاة فإن من واجب الإمام أن يأمر بتسوية الصفوف وإكمالها وينبغي على المصليين أن يسمعوا ويطيعوا فيتموا الصفوف ويسدوا الفراغ الموجود في المسجد . وأما أن يأخذ المصلون في آخر المسجد بالصياح واللغط فهذا الأمر لا ينبغي ومخالف للهدي النبوي .