عند الحنفية تثبت الخلوة الصحيحة بانفراد الزوجين في مكان لا يراهما أحد فيه ولم يكن بأحدهما مانع شرعي، بينما ذهب المالكية والشافعية وأبو داود إلى أن المهر لا يستقر إلا بالوطء.
جاء في كتاب فقه السنة للشيخ السيد سابق رحمه الله :[1]
يرى أبو حنيفة:
أنه إذا اختلى بها خلوة صحيحة استحقت الصداق المسمى… وذلك بأن ينفرد الزوجان في مكان يأمنان فيه اطلاع أحد عليهما، ولم يكن بأحد منهما مانع شرعي، مثل أن يكون أحدهما صائمًا صيام فرض عليه، أو تكون حائضًا. أومانع حسي، مثل مرض أحدهما مرضًا لا يستطيع معه الدخول الحقيقي، أو مانع طبيعي بأن يكون معهما ثالث.
واستدل أبو حنيفة بما رواه أبو عبيدة عن زائدة بن أبي أوفى،قال: “قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أغلق الباب، وأرخى الستر، فقد وجب الصداق.
وروى وكيع عن نافع بن جبير قال: “كان أصحاب رسول الله- ﷺ -يقولون: إذا أرخى الستر، وأغلق الباب، فقد وجب الصداق. ولأن التسليم المستحق وجد من جهتها فيستقر به البدل.
وخالف في ذلك الشافعي، ومالك وداود فقالوا:
لا يستقر المهر كله إلا بالوطء [إلا أن مالكًا قال: إذا بنى عليها وطالت هذه الخلوة – فإن المهر يستقر، وإن لم يطأ وحدده ابن قاسم من أتباعه بعام.].
ولا يحبب الخلوة الصحيحة إلا نصف المهر، لقول الله تعالى:( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) [البقرة/237] أي : أن نصف ما فرض من المهر يجب إذا وقع الطلاق قبل المسيس الذي هو الدخول الحقيقي… وفي حالة الخلوة لم يقع مسيس، فلا يجب المهر كله.
قال شريح: لم أسمع الله ذكر في كتابه بابًا،ولا سترًا إذا زعم أنه لم يمسها فلها نصف الصداق.
وروى سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقول في رجل دخلت عليه امرأته، ثم طلقها، فزعم أنه لم يمسها: “عليه نصف الصداق.
وروى عبد الرازق عنه قال: “لا يجب الصداق وافيًا حتى يجامعها”.
[1] فقه السنة (2/105) الفتح للاعلام العربي ـ القاهرة