إذا حدثت خلوة بالمعقود عليها فإنها تستحق المهر كاملا كما تجب عليها العدة وغير ذلك من الأحكام التي تثبت بالخلوة غير أنَّ الفقهاءَ اختلفوا في تحديد الخلوة التي يترتب عليها المهر كاملا؛ والذي نرجحه أخذها المهر كاملا لمن كان بينهما خلوة شرعية ، واستباح منها مالا يستباح إلا بالنكاح.
وقد جاء في المغني لابن قدامة المقدسي:
إن استمتع بامرأته بمباشرة فيما دون الفرج, من غير خلوة, كالقبلة ونحوها , فالمنصوص عن أحمد , أنه يكمل به الصداق ; فإنَّه قال : إذا أخذها فمسها , وقبض عليها , من غير أن يخلو بها , لها الصداق كاملا إذا نال منها شيئا لا يحل لغيره، وقال في رواية مهنا : إذا تزوج امرأة ونظر إليها وهي عريانة تغتسل , أوجب عليه المهر . ورواه عن إبراهيم : إذا اطلع منها على ما يحرم على غيره , فعليه المهر ; لأنه نوع استمتاع , فهو كالقبلة . أهـ
وقال أيضا: رحمه الله في المغني: وجملة ذلك أنَّ الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح، استقر عليه مهرها ووجبت عليها العدة وإن لم يطأ، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين وعروة وعطاء والزهري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وهو قديم قولي الشافعي. انتهى.
وجاء في الإنصاف للمرداوي:
قال في المستوعب [من كتب الحنابلة] : الخلوة تقوم مقام الدخول في أربعة أشياء : تكميل الصداق , ووجوب العدة , وملك الرجعة إذا طلقها دون الثلاث , وثبوت الرجعة إن كانت مطلقة بعد الدخول. وقيل : هذه الخلوة دون الثلاث .انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مما يتأكد به المهر الخلوة الصحيحة التي استوفت شرائطها . فلو خلا الزوج بزوجته خلوة صحيحة ثم طلقها قبل الدخول بها في نكاح فيه تسمية للمهر يجب عليه المسمى , وإن لم يكن في النكاح تسمية يجب عليه كمال مهر المثل لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} .
وقد روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: { من كشف خمار امرأته ونظر إليها وجب الصداق , دخل بها أو لم يدخل } وهذا نص في الباب .أهـ
قال الشيخ: محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في الشرح الممتع:-
المهر يستقر بالدخول والخلوة والتقبيل واللمس بشهوة والنظر, أي استباحة ما لا يحل لغير الزوج.أهـ
على أنَّ الشافعي في الجديد ذهب إلى أنه لا اعتبار بالخلوة في تقرر المهر . لقوله تعالى : {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ. . . } والمراد بالمس الجماع، وترجيحا لرأي الجمهور في المسألة.