يقول فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق ـ رحمه الله ـ يجوز تأجير العين المؤجرة ما دام أن هذا لايؤثر على سلامة هذه العين وهذا تفصيل ما قاله:
إن الإجارة ـ كما عرَّفها الفقهاء ـ: عقد مُعاوضة على تمليك مَنفعة بعِوَض.
غير أن الفقه المالكي يُطلق على العقد على منافع الأراضي والدور والسفن والحيوانات لفظ كِراء، وقال فقهاء هذا المذاهب: إن الإجارة والكراء شيءٌ واحد في المعنى. والأصل في عقد الإجارة ـ عند جمهور الفقهاء ـ: اللزوم فلا يَملك أحدُ المتعاقدين الانفراد بفسْخ العقد إلا لمُقتضى تنفسخ به العقود اللازمة مِن ظهور العيب أو ذهاب محل استيفاء المنفعة استدلالًا بقول الله ـ سبحانه ـ: (ياأيُّها الذينَ آمنوا أَوْفُوا بالعُقُودِ.)
وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه: يجوز للمُكترِي فسْخ الإجارة للعُذر الطارئ على المستأجِر مثل احتراق أو سرقة متاعِه من الدكان الذي استأجره؛ لأن طروء مثل هذا وأمثاله يتعذَّر معه استيفاء المَنفعة المعقود عليها، وهذا قياسًا على هلاك العين المُستأجرة.
وحكى ابن رشد: أن الإجارة عقد جائزٌ .
ومتى تمَّت الإجارة صحيحة العقْد، مُستوفية الشُّروط وكانت مُحدَّدة المدة، ملَك المستأجر المنافع المَعقود عليها إلى غاية تلك المدة، ويكون حُدوثها على مِلْكة؛ لأنه صار مالكًا للتصرُّف فيها، وهي مُقدَّرة الوُجود.
أماحُكم إيجار المُستأجِر العيْن المُستأجَرة لآخر فقد ذهب جمهور الفقهاء “الحنفية والمالكية والشافعية والأصح عند الحنابلة” إلى جواز إيجار المستأجر الشيء الذي استأجرَه، وتسلمه في مدة العقد إلى شخص آخر ـ غير المؤجر ـ وذلك مادامت العين المُؤجَّرة لا تَتأثر باختلاف المُستعمِل.
وقد أجاز هذا كثير مِن فقهاء السلف، سواء أكانت الإجارة ـ على هذا الوجه ـ بمثل الأجرة أم بزيادةٍ عليها.
وذهب القاضي من الحنابلة إلى منع ذلك مطلقًا؛ لأن النبي ـ صلى الله ـ: “نُهِيَ عن ربح ما لم يُضمَن”. والمنافع لم تدخل في ضمانه، فلم يَجُز.
وقول الجمهور أولَى بالعمل به؛ لأن قبْض العيْن قامَ مقام قبض المنافع لمَّا كان ذلك، وكان جمهور الفقهاء قد أجازوا إيجار المستأجِر العين المُستأجرة إلى آخر بذات الأجرة التي استأجرَها بها أو بزيادة، ما دامت العين لا تتأثر باختلاف المُستأجَر.