ليعلم كل من الرجل والمرأة أن المحصن إذا وقع في جريمة الزنا فإن حكمه الرجم، لأنه قد ترك اللحم الطيب الحلال وهرع إلى اللحم الخبيث وتجرأ على الأنساب ولذلك استحق الرجم جزاء وفاقا، وأيضا وقوع الزنا مع إحدى المحارم جريمة أخرى توجب القتل حدا، ولو لم يكن الفاعل محصنا، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: “من وقع على ذات محرم فاقتلوه” رواه الحاكم والترمذي وابن ماجة.
وإذا كان الزنا بحليلة الجار يأتي في المرتبة الثالثة بعد الكفر بالله وقتل الولد خشية الإطعام فماذا نقول إذا كانت الجريمة مع أم الزوجة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله ﷺ: “أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك” متفق عليه. فإن كان الجار مطلوبا منه الذود عن نساء جيرانه، وأن يحفظهن فهذه فطرة فطرت عليها القلوب، ولذلك قال الشاعر في الجاهلية: [عنترة العبسي]
وَأَغَضُّ طَرفي ما بَدَت لي جارَتي حَتّى يُواري جارَتي مَأواها
فإن كان خلق الرجل الجاهلي هكذا فما بالنا بمن رباه القرآن واتبع رسول الإنسانية، ولذلك شددت الشريعة وغلظت على من انتهك حرمة الجار، فإن قلنا هذا في زوجة الجار فإن أم الزوجة أخطر حالا من زوجة الجار، وذلك لأنَّ الشريعة الإسلامية قد رفعت الكلفة بين الرجل وأم زوجته بمجرد العقد لأن أم الزوجة صارت من حريمه، والمتوقع من الرجل ذي الخلق السليم والفطرة السوية هو الذود عن حريمه، وأن يكون هو الملاذ الآمن لهن لا أن يعيث معهن في الأرض فسادا.
أما عن عقد الزوجية الذي بين الرجل وزوجته فإنه صحيح لا شيء عليه، ولكن من وقع في شيء وجب عليه التوبة، لأنَّ غضب الله اشتد على من انتهك الحرمات، فقد جاء في صحيح البخاري عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ: أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ”.