يقول الدكتور السيد صقر، المدرس بجامعة الأزهر:

ليس أحد الواجبين أولى من الآخر ، وإن كان يختلف في طبيعته عنه، وعلى الزوج أن يوازن بين أهله وبين زوجته وأولاده، فلا يميل إلى أحدهما  على حساب الآخر.

والناس في هذا نوعان :
الأول :
يجنح إلى تقديم زوجته في كل صغيرة وكبيرة ، لأنها زوجته، وأم أولاده ، وهي التي تعيش معه ، وترعى شئونه ، مع إهمال أهله ، و تقديم الزوجة على الأهل على طول الخط محض خطأ يحتاج إلى نوع من المراجعة.

الثاني : تقديم الأهل على الزوجة ، واعتبار أن العلاقة مع أهله أبدية ، أما العلاقة مع زوجته ثانوية ، وهو أيضا فهم خطأ، لأن الله تعالى سمى العلاقة بين الزوجين بأنه ميثاق غليظ ، قال تعالى : ( وأخذن منكم ميثاقا غليظا ).
والصواب أن يبر والديه ، وأن يصل رحمه ، مع الإحسان إلى الزوجة في العيش والمعاشرة.

وقد طلب الإسلام من الزوج أن يكون بارا بوالديه ، وصولا لأقاربه ،والآيات دالة على ذلك ، منها قوله تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )، وقال سبحانه : (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا) ،وقال أيضا :( أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير)، بل يصل بر الوالدين إلى الإحسان إليهما ولو كانا مشركين في غير معصية الله ، فقال تعالى :( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا ).
وجاءت السنة النبوية دالة على هذا البر، من ذلك قول النبي : ” من وصل رحمه ، وصله الله ، ومن قطع رحمه ، قطعه الله”.
ومنها أيضا قوله ” من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه “.
فحق الأهل على الزوج البر والوصل، والتعامل الحسن، والإعطاء من النفقة على الوالدين إن كان للولد مال ، وكان الوالدان في حاجة ، و أن يصل أقاربه بالعطاء من الصدقة ، وكذلك بالزكاة إن كان صاحب مال، فإعطاء الزكاة للقريب أعظم ثوابا ، وعبر عنها النبي بقوله ” وصدقتك على المسكين صدقة ، وعلى الرحم اثنتان ، صدقة وصلة”.

أما ما يخص الحياة الزوجية ، فلا دخل للوالدين والأقارب فيها .
ولا يحل لأحد أن يتدخل في شئون الزوجة ، ولا أن يفرض سيطرته عليها ، بحكم أنه قريب الزوج، فهذه المعاملة لا وجه لها من الشرع.

وعلى الزوجة في ذات الوقت أن تكون وصولة لأهل زوجها ، بارة بهم ، تعاملهم المعاملة الحسنة.
وقد كانت فاطمة رضي الله عنها تخدم أم زوجها علي بن أبي طالب، وتساعدها في شئون البيت ، وقد كان علي – رضي الله عنه – يقسم العمل في البيت بين زوجته وبين أمه ، فقد أخرج الطبراني بسنده عن علي قال قلت لأمي فاطمة بنت أسد بن هاشم اكفي فاطمة بنت رسول الله سقاية الماء والذهاب في الحاجة وتكفيك خدمة الداخل الطحن والعجن .
ومساعدة الزوجة الأم فيما لا يخصها من شئون هو من باب الاستحباب، وليس من باب الوجوب ، وهو في ذات الوقت من باب صلة الزوج وحسن المعاشرة له .

كما جعل الإسلام العلاقة بين الزوجين كأنهما فرد واحد ، فالزوج ستر على زوجته ، والزوجة ستر على زوجها ، وعبر عن ذلك بالسكن ، فقال تعالى :”ليسكن إليها “.
والعلاقة بين الزوجين مبنية على المودة والتفاهم ، فقال تعالى: ( ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
وليس من المودة والرحمة والسكن أن يتعامل الزوج مع زوجته كأنها شيء ثانوي في حياته .
بل تصل العلاقة بين الزوجين في هذا أنه لا عورة بين الزوجين ، بينما هناك عورة بين الرجل وأمه ، وبين الرجل وأخته،فكانت العلاقة بين الزوجين وثيقة حميمة على كل حال.
ومما يزيد ذلك الارتباط وجود الأبناء ، فهم يجعلون الشركة الزوجية أكثر التصاقا وتماسكا ، أكثر من علاقة الزوج بأهله.
وقد جعل الإسلام للمرأة بعض الحقوق ، يجب على الزوج الوفاء بها ، ومن ذلك أن يكون لها سكن تأمن فيه على نفسها ، ولا يتدخل أحد في خصوصيات حياتها ، فالعلاقة الخاصة بين الزوجين لا يتدخل فيها أحد إلا من سبيل النصح و الإرشاد.

و ربما كانت كثير من المشاكل الزوجية التي تحد من العلاقة بين الزوج وزوجته، وبين الزوجة وأهل زوجها كون المرأة تعيش مع أسرة الزوج ، فإن رأى الزوج أن يستقل بمعيشته بعيدا عن أهله ، إن كان صاحب استطاعة في النفقة وشراء أو تأجير شقة، فحسن ، مع الحفاظ على بر الوالدين ووصل الرحم من الأهل والأقارب، فإن عجز عن ذلك ، فللمرأة أن تستقل بحياتها ، مع وجود حسن العشرة والمعاملة مع أهل الزوج.