التزام المصارف الإسلامية بالإسلام لا يكون أمرًا ثانويًا أو من نافلة القول ولكنه أمر أساسي؛ لأن هذه المصارف طالما أنها تسمت بهذا الاسم، واتصفت بهذه الصفة، ورفعت شعار الإسلام فمن الواجب عليها أن تتخذ من هذا الشعار وهذه الصفة، سلوكًا عمليًا شاملاً، لأن الإسلام لا يعترف بالشعارات البراقة ولا الدعاوى الكاذبة، ولكن الإسلام قول وتصديق وعمل كما ذكر ذلك علماء السلف والخلف ومن صور هذا الالتزام ما يلي:
1 – لا يمكن للبنك أن يقدم خدماته في صورة أنشطة تدخل في دائرة التحريم لما فيها من أضرار خطيرة تلحق بالمجتمع مثل أنشطة صناعة الخمور، وموائد القمار، والمخدرات، والبغاء، والصناعات التي تقوم على تربية وذبح وبيع لحوم الخنزير أو الميتة أو الدم، والابتعاد عن أي نشاط ينطوي التعامل فيه على ربا أو غش أو تدليس أو احتكارً وتزويرً واستغلال لحاجات الناس، أو تغرير أو غرر أو ميسر أو رشوة أو إفساد للذمم وتخريب للنفوس، أو أي نشاط يشوبه حرمة، ومن ثم تكون جميع معاملات البنك تدخل في دائرة الحلال، وتراعي بشكل شديد مبادئ الدين الحنيف، فلا غبن في الأجور، ولا ظلم للعاملين، ولا مصادرة لأرزاقهم؛ أو تسخيرهم كعبيد مقابل إطعامهم أو كسوتهم.
2 – البنك الإسلامي يقوم على العقيدة الإسلامية، ويستمد منها كيانه الفكري ومقومات التعامل المصرفي لديه، وتصبح معاملاته جميعها في إطار هذا الكيان الفكري الذي يقوم على أن الله خالق هذا الكون، وأن الملكية الموجودة في هذا الكون لله وحده، فالله مالك كل موجود، فبما أنه سبحانه وتعالى موجده، وأنه مالك الملك؛ وأن البشر مستخلف فيه، ومن ثم فإن استخدام هذه الموجودات وبما فيها المال تتم في إطار شروط هذا الاستخلاف، وعلى هذا فمن الضروري أن تكون المنتجات والخدمات التي يتعامل معها البنك أو يمول مشروعاتها في دائرة الحلال.
3 – وكذلك مما يدخل في دائرة الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية عدم التعامل بالربا أخذًا أو إعطاءً لتوافر الأدلة على حرمة التعامل بالربا من الكتاب والسنة والإجماع.
4 – حسن اختيار من يقومون على إدارة الأموال:
يتعين على البنك أن يبذل كافة الجهود اللازمة للتأكد من حسن اختيار الأفراد الذين سيتولون إدارة الأموال من بين موظفيه، أو من بين عملائه الذين سيتم إتاحة الأموال لهم لإدارتها، حيث لا يجب أن يوكل أمر إدارة هذه الأموال لمن لا يصلح للقيام بهذه المهمة إعمالاً لقول الله سبحانه وتعالى: “ولا تؤتوا السفهاء أموالكم”.
5 – عدم أكل أموال الناس بالباطل:
عملاً بقول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم”.
وبقوله تعالى: “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون”.
6 – الصراحة والصدق والوضوح في المعاملات:
يلتزم البنك الإسلامي في معاملاته بالصدق والصراحة والوضوح والمكاشفة التامة بين البنك والمتعاملين معه وكذا المتعاملين فيه، طالما كانت هذه المعاملات خاصة بالعميل ذاته، وليس بغيره من العملاء، إعمالاً لقول الحق عز وجل: “ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون”.
7 – عدم حبس المال وحجبه عن التداول واكتنازه:
يتعين على البنك الإسلامي أن يعمل على تنمية المال وإثماره باعتباره مستخلفًا فيه ووكيلاً عن أصحابه وتوظيفه الفعال لصالح المجتمع، وباعتباره أصلاً من أصوله التي يتعين تنميتها وإثمارها، وليس اكتنازها أو حجبها وحرمان المجتمع والأفراد الذين هم في حاجة إليها؛ تجنبًا لغضب الله –سبحانه وتعالى- وابتعادًا عن نواهيه –عز وجل- وخوفًا من قوله –سبحانه وتعالى-: “والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون”.
8 – خضوع المعاملات المصرفية للرقابة الإسلامية الذاتية والخارجية:
فالرقابة الإسلامية رقابة ذات شقين، شق ذاتي من داخل الفرد ذاته ومن وحي ضميره، ومن خلال تمسكه بدينه وخوفه من إغضاب الله –عز وجل- وشق آخر خارجي من خلال هيئة رقابة شرعية يتم اختيار أفرادها من الثقاة الراسخين في علوم الدين المشهود لهم بالنزاهة الشديدة والحرص.
بل يمكن القول إن الرقابة في المصارف الإسلامية هي رقابة شاملة محاورها متعددة تضم رقابة من الفرد على ذاته، ومن الفرد على العمل المصرفي الذي يتم، ومن المسئول عن العمل المصرفي على النشاط الاقتصادي الذي يتم تمويله، ومن الهيئة الرقابية الشرعية على كافة النشاط والأعمال المصرفية التي تتم، ومن الله سبحانه وتعالى على الجميع.
9 – أداء الزكاة المفروضة شرعًا على كافة معاملات البنك ونتائج الأعمال:
وذلك عملاً بقول الله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم”.
ومن هنا فإن البنوك الإسلامية تقوم بتحصيل وتوزيع زكاة أموالها وأموال عملائها، ومن يرغب من المسلمين، وتقوم البنوك الإسلامية بإنفاقها في مصارفها الشرعية التي حددها الله –سبحانه وتعالى- في قوله: “إنما الصدقات للفقراء والمساكن والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”.
10- تحقيق التوازن بين مجالات التوظيف المختلفة:
والتوازن يتم بين مجالات التوظيف قصير الأجل ومتوسط الأجل وطويل الأجل، وبين مناطق التوظيف المختلفة، حيث يتحقق التوازن الجغرافي، وفي الوقت ذاته توازن في مجال التوظيف وفقًأ للأولويات الإسلامية: أ – الضروريات. ب – الحاجات. جـ- الكماليات:
والتوازن بين العائد الاجتماعي والعائد الاستثماري المادي.
من كتاب ( ما معنى بنك إسلامي ) د. سيد الهواري استاذ بكلية التجارة جامعة عين شمس، باختصار وتصرف.