لا حرج في أن يحترف الإنسان الرياضة، ويتخذها مهنة ووسيلة للكسب، ولكن يلاحظ أن العرف الكروي يقضي بأن يرتدي اللاعب زيًّا خاصا بالفريق الذي يلعب له، وهذا الزي يحمل إعلانا لمنتج ما من المنتجات.
والفقهاء عندما يتحدثون عن الإعلانات فإنهم يضعون أصلا عاما وهو:
إن كان الشيء المعلن عنه مشروعا كان الإعلان مشروعا، وكذلك إذا كان الشيء المعلن عنه محرما كان الإعلان عنه محرما، وذلك لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة: 2 .
كما أن القاعدة الفقهية تقضي بأن الوسائل تأخذ حكم المقاصد. فالغاية المحرمة يحرم الطريق إليها أيضا، فبيع العنب مباح في الأصل لكن عندما يعلم أن المشتري إنما يريده ليعصره خمرا فإن بيعه له يحرم، وكذا الحال في بيع السلاح فإنه مباح في الأصل، ولكن لا يجوز أن يباع لمن يستخدمه في قطع الطريق.
وبناء على هذا لا يجوز للمسلم الترويج لإعلان تجاري محرما في ديننا.
فالمسلم إذا اضطر إلى للعمل في مكان يجبر فيه على عمل المحرم، ولم يكن له مندوحة عن هذا العمل ولولا هذا العمل لهلك جوعا فيجوز له من باب الضرورة الملجئة عملا بالقاعدة الإسلامية العامة ( الضرورات تبيح المحظورات) . على أنه إذا لم يكن بهذه المنزلة من الاضطرار فلا يجوز له الاستمرار في هذا العمل المحرم.
يقول الشيخ عطية صقر ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الأسبق ـ رحمه الله:
إنَّ الأجر القليل من عمل حلال إذا كان يغطى الضروريات فقط التي تمسك الحياة وتدفع الموت وتحول دون العجز فهو راتب يباركه الله ، أمَّا ما وراء ذلك الضروري فلا يجوز أن يحصَّل من الحرام.
على أني أرى أن ارتداء اللاعبين لسترات تحمل إعلانات تجارية لا يليق بكرامة الإنسان الذي كرمه الباري سبحانه وتعالى.
ففي إجبار الأندية للاعبين بارتداء مثل هذه الإعلانات التجارية يجعل اللاعب يتحول إلى سلعة طرف النادي يصنع فيها ما شاء، فالنادي يستغل جسد اللاعب في كل شيء، ويحوله إلى سلعة تدر عليه ربحا، وبهذا يتحول اللاعب إلى لافتة إعلانات متنقلة ، وهذا يعني أن عندنا في إستاد الكرة إعلانات ثابتة، وأخرى متحركة.
وهذا يتنافى مع كرامة الإنسان التي وهبها المولى للإنسان وذكرها في قوله تعالى:” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”.[الإسراء:70]