هذا الأب رجل زان، اقترف إثما من أشد الآثام جرما وحرمة في دين الله تعالى، جرما يلعن الله صاحبه ويمقته ويتوعده بغضبه وعذابه مالم يتدارك نفسه بتوبة نصوح.
وليست القضية هي أن الأب ممتنع من الاعتراف بالولد، ولكن جمهور أهل العلم هو الذي يمنعه من أن يشرف بنسبة الولد له.
على أن نسبة ولد الزنا إلى الزاني لن تجلب خيرا للولد؛ لأننا إذا كنا نتكلم عن الإسلام، وعن المجتمعات التي يبنيها الإسلام فإننا نتحدث عن الزاني ذلك المتهم البغيض المنبوذ المجلود على مسمع ومرأى من الناس: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (النور : 2 ) أو شخص مرجوم، قذف بالحجارة حتى هلك، فأي خير وأي ستر في النسبة إلى رجل كذا؟
إن الناس يتصورون أن في نسبة الولد لأبيه سترا عليه، وهم في ذلك واهمون؛ لأنهم يتصورون أن الإسلام يبارك وجود الزاني وسط الناس، يبقى حيا محترما، بل يرفع عقيرته في وسائل الإعلام أنه زنى ولم يتزوج!!!!!!!!!!
إن الشريعة حينما منعت نسب ولد الزنا إلى الزاني كما هو مذهب كثير من الفقهاء، إنما أرادت أن تحرم الزاني من نعمة الولد، وحالت بينه و بين ذلك النسب نكالا ونكاية فيه، وتكريما للولد من ذاك النسب الدنس، وزجرا لكل من تسول لنفسه جريمة الزنا.
كيف يأمر الإسلام ذلك الولد المظلوم أن يجل من أوجده في الدنيا وجودا نكدا، وأن يعظمه ويكبره، ويصفه في مصاف الآباء، ويعطيه حقوقهم! من يقدر على ذلك!
إن الولد في دنيانا هذه يشب على النفرة من أبيه، إذا كان قد طلق أمه، وفرق ما بينهما من وصال، وأضاع على ولده فرصة العيش بين جنبات أسرة مستقرة، فكيف بولد يعرف يرى سبب تعاسته أمامه، ثم يطلب منه الإسلام أن يعظمه تعظيم الآباء، ألا ما أعظمها من فتنة لو كانت.
و لذلك فلا يجب على الولد بر هذا الرجل، وليبدأ حياته بعد إسقاطه من حساباته.