شرع الاستنجاء لإزالة النّجاسة الخارِجة من السّبيلين، القُبُل والدُّبُر، وهي البول والغائِط وما في حكمهما من مائع وجامد، والرّيح الخارج من الدبر ليس نجِسًا، وبالتالي لا يجب الاستنجاء منه، حيث لم يرد نَصٌّ فيه، والبلوى تكثُر به، ولعدم حصر ما يُصيبه من الجسم أو الثوب، بل قال بعض الأئمة بكَراهة الاستنجاء منه، والدِّين يُسر، فلو خَرج الريح بعد الاستنجاء لا يجب الاستنجاء مرة ثانية حتى لو كان المَحلُّ لا يزال رطبًا.
جاء في كتاب ” الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ” للشربيني الخطيب ما نصه : نقل الماوردي وغيره الإجماع على أنه لا يجب الاستنجاء من النوم والريح. قال ابن الرفعة: ولم يُفرِّق الأصحاب بين أن يكون المحل رطبا أو يابسًا، ولو قيل بوجوبِه إذا كان المحلُّ رطبًا لم يبعد، كما قيل به في دُخان النجاسة. وهذا مردود، فقد قال الجرجاني: إن ذلك مكروه، وصرح الشيخ نصر الدين المقدسي بتأثيم فاعله، والظاهر كلام الجرجاني ” ج1 ص47 ” .
وجاء في المغني لابن قدامة ” ج1 ص141 ” ما نصه : وليس على مَن نام أو خرجت منه ريح استنجاءٌ، ولا نعلم في هذا خلافًا، قال أبو عبد الله: ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سُنّة رسوله إنما عليه الوضوء، وقد رُوِيَ عن النبي ﷺ ” مَن استنجى من ريح فليس منّا ” رواه الطبراني في معجمه الصغير ، إلى أن قال : لأنّ الاستنجاء إنما شُرِعَ لإزالة النجاسة ولا نجاسة هاهنا، أي في النوم والريح.