لا يوجد دليل يُحَتِّم أن يكون المؤذِّن هو المقيم للصلاة، كما لا يوجد دليل يَمنَع أن يكون الأذان من شخص والإقامة من شخص آخر.

تحدّث القرطبي في تفسيره “ج 6 ص 229” عن اختلاف العلماء في هذه المسألة، فقد : ذَهب مالك وأبو حنيفة وأصحابُهما إلى أنّه لا بأس بأن يؤذَّن شخص ويُقيم غيره. لحديث محمد بن عبد الله زيد عن أبيه أن رسول الله ـ ـ أمرَه ،إذْ رأى النِّداء في النوم، أنْ يُلقيَه على بِلال، فأذّن بِلال، ثم أمر عبد الله بن زيد فأقام. رواه أحمد وأبو داود.

وقال الثوري والليث والشافعي: مَنْ أذّن فهو يُقيم، لحديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيتُ رسول الله ـ ـ فلمّا كان أول الصبح أمرني فأذِنت، ثم قام إلى الصلاة فجاء بِلال ليُقيم، فقال رسول الله ـ ـ “إن أخا صداء أذَّن، ومَن أذَّن فهو يُقيم” قال أبو عمر: عبدالرحمن بن زياد هو الإفريقي، وأكثرهم يُضعِّفونه، وليس يَروي هذا الحديث غيره ، والأول أحسن إسنادًا إن شاء الله.
والمناقشات طويلة في نيل الأوطار “ج 2ص 58”.

ثم انتهى القرطبي إلى قوله: ومع هذا فيستحب إذا كان المؤذِّن واحدًا راتبًا أن يتولّى الإقامة، فإن أقامها غيره فالصلاة ماضية بإجماع.
يُؤخَذ من هذا أن العلماء فَريقان، وذلك كلّه في الأفضليّة، أما الصّحّة فهي متّفق عليها، سواء أقام المؤذّن أم أقام غيره، والأمر لا يحتاج إلى تعصُّب ولا طول بحثٍ.