المعاشات التي تصرف لورثة مخصوصين من قرابة الموظف لا تعد إرثا بحيث يحق للورثة المطالبة به، ولكنه مال موهوب من الدولة إذا كانت المؤسسة حكومية، أو مفروض من قبل الدولة إذا كانت المؤسسة غير حكومية.
ما هو المعاش:
المعاش مكون من ثلاثة أجزاء:-
جزء يخصم من راتب الموظف شهريا.
وجزء تتبرع به جهة العمل للموظف.
وجزء ناتج من استثمار هذه الأموال جميعا.
فأما ما تتبرع به جهة العمل فقد تولت تنظيمه قوانين العمل فيجب اتباعها، وأما الجزء المخصوم من راتب الموظف فهو مجبر على خصمه لا خيار له في ذلك.
وأما ناتج الاستثمار فهو تابع لأصله بشرط أن يكون استثمارا مباحا شرعا بعيدا عن الربا والمحرمات. وهذا ما أفتى به غير واحد من الفقهاء.
من لهم الحق في المعاش:
يقول الشيخ هاني بن عبد الله الجبير – القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة-:-
أولاً: إن خصم نسبة التقاعد من الراتب هو فيما يظهر خصم صوري لا حقيقي وذلك لأمور منها:
1- أن الموظف يخصم منه جبراً ولو لم يوافق ولم يرغب.
2- أن الموظف لا خيار له في زيادة أو نقص مقدار الخصم.
3- أن الموظف يعرف عند تقدمه للوظيفة راتبه مخصوماً منه تلك النسبة، فهو مدرك أن الراتب هو مقدار ما يستلمه بعد الخصم.
4-أن الموظف قد يعرف بالتحديد مقدار ما يخصم منه.
ثانياً: إن الموظف قد يتقاعد أو يموت بعد عمله بمدةٍ يسيرة فيستحق هو أو ورثته تقاعداً قد يكون أكثر مما خصم منه، بل هذا في الواقع هو الغالب أن مقدار التقاعد المصروف يفوق نسبة الخصم.
فلذا وحيث إن الخصم صوري في الواقع ولأنه قد يأخذ أكثر مما خصم منه علماً أن التقاعد منحة من الدولة للموظف ولمن لا يستقل بنفسه ممن كان ينفق عليهم في حياته، لكن جاء حسابها باعتبار زيادة تسعة في المائة من الراتب ثم خصمها منه شهرياً ليحسب بعد ذلك مقدار ما يأخذه بعد مقارنته بسنوات الخدمة.
ويتضح ذلك أكثر إذا عرفنا أن منشأ التقاعد إنما كان إعمالاً لمبدأ التأمين فالحكومة تؤمن مصدر دخل لكل من انقطع دخله بتوقفه عن العمل أو موت مورثه الموظف بهذا التقاعد ولذا فإنه متى استطاع الاستقلال بنفسه أو استغنى عنه مُنع استحقاقه، وكذلك يقسم بين الورثة حسب قسمة الإرث الشرعيّة.
هذا هو الظاهر لي وعليه فتوى بعض مشايخنا وممن وقفت على رأيه في ذلك فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع (مجموع فتاوى وبحوث ).
وهو على كل حال محض اجتهاد يحتمل الخطأ والصواب والله أعلم.
وفي المقابل لو كان الذي تدفعه الدولة هو نفس مقدار الخصم الذي يؤخذ من راتب الموظف تماماً فإن الحال يختلف إذ لا يكون الخصم صورياً بل حقيقياً أجبر الموظف عليه أو أخر تسليمه له.
وفي هذه الحال فإنه يحتم قسمته بين ورثته حسب الإرث الشرعي ويكون جزءاً من حق الموظف لورثته تحصيله بما يستطيعون.
ولعل هذه الفتوى إذا نشرت كان في تواصل الإخوة والمشايخ تعزيزاً أو استدراكاً لها. انتهى.
هل المعاش من التركة:
يقول فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق :-
إن المعاش وإن كان مستحقا بسبب المورث إلا أنه لا يعتبر من التركة ولذلك تنظمه قوانين المعاشات المختلفة وفي شأن الاستحقاق في المعاش يرجع إلى الجهة المختصة.