يعطى ابن السبيل من النفقة والكسوة ما يكفيه مقصده، أو موضع ماله، إن كان له مال في طريقه. هذا إن لم يكن معه مال أصلاً. وإن كان معه مال لا يكفيه أعطي ما يتم به كفايته.
ويُهيأ له ما يركبه إن كان سفرًا طويلاً. وقدَّروا السفر الطويل بما تقصر فيه الصلاة، وهو نحو 80 كم، أو كان ضعيفًا لا يقدر على المشي.
وإن كان قويًا وسفره دون مسافة القصر، لم يُعط المركوب، ويعطى ما ينقل عليه زاده إلا أن يكون قدرًا يعتاد مثله أن يحمله بنفسه.
قالوا: وصفة تهيئة المركوب: أنه إن اتسع المال اشترى له مركوب. وإن ضاق اكترى له. وإنما قالوا ذلك؛ لأن وسائل الركوب والنقل كانت هي الدواب. فلهذا قالوا: تُشتَرى أو تُكتَرى.
أما الآن فقد تطورت وسائل النقل إلى السيارات والقطارات، والبواخر والطائرات، فلا سبيل إلى اشترائها بل يُكتَرى له ما يلائم حاله منها. فمن كان يلائمه ركوب القطار أو الباخرة، لا يُتجشم نقله بالطائرة، حتى لا يرهق مال الزكاة بما يمكن الاستغناء عنه.
ما الذي يعطى لابن السبيل من الزكاة
-ويعطى جميع مؤن سفره، لا ما زاد بسبب السفر فقط. وهذا هو الصحيح.
-ويعطى سواء أكان قادرًا على الكسب أم لا.
-ويعطى ما يكفيه في ذهابه ورجوعه إن كان يريد الرجوع، وليس له في مقصده المال.
وقال بعض العلماء: لا يعطى للرجوع أثناء سفره وإنما يعطى عند رجوعه.
وبعضهم قال: إن كان عزمه أن يصل الرجوع بالذهاب أعطي للرجوع، وإن كان عزمه إقامة مدة لم يعط للرجوع. والصحيح الأول.
-وأما نفقة الإقامة بالمقصد فقد فصل في ذلك الشافعية فقالوا: إن كانت إقامته دون أربعة أيام – غير يومي الدخول والخروج – أعطي لها؛ لأنه في حكم المسافر، وله الفطر والقصر وسائر رخص السفر. وإن كانت أربعة أيام فأكثر – غير يومي الدخول والخروج – لم يعط لها؛ لأنه خرج عن كونه مسافرًا ابن سبيل، وانقطعت رخص السفر، بخلاف الغازي، فإنه يعطى مدة الإقامة في الثغر وإن طالت. والفرق أن الغازي يحتاج إليه لتوقع الفتح، ولأنه لا يزول بالإقامة اسم “الغازي” بل يتأكد، بخلاف المسافر.
وقال بعضهم: يعطى ابن السبيل، وإن طال مقامه إذا كان مقيمًا لحاجة يتوقع تنجزها (انظر المجموع: 215/6،216 والشرح الكبير ص 701،702).
إذا زاد عند ابن السبيل شيء من الزكاة هل يسترد منه أم لا
وإذا رجع ابن السبيل وقد فضل معه شيء هل يسترد منه أم لا؟
قال الشافعية: نعم، سواء قتر على نفسه أم لا، وقيل: إن قتر على نفسه، بحيث بقي معه هذا الفضل من تقتيره لم يرجع بما فضل. وهذا بخلاف الغازي؛ حيث لا يسترجع منه إذا قتر على نفسه؛ لأن ما يأخذه الغازي يأخذه عوضًا، لحاجتنا إليه وقيامه بالغزو وقد فعل، وابن السبيل يأخذ لحاجته إلينا وقد زالت (المجموع: 216/6).
وقال الحنفية: لا يلزم ابن السبيل التصدق بما فضل في يده عند قدرته على ماله، كالفقير إذا استغنى وعنده شيء من مال الزكاة فلا يلزمه التصدق (انظر: فتح القدير: 18/2، ورد المحتار: 64/2