الطلاق هو إجراء شرعي وقانوني ينهي العلاقة الزوجية ويفصل الزوجين عن بعضهما البعض، ويعرفه الفقهاء بأنه حل قيد النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص، ثم ذكروا أحكام الطلاق في الإسلام وشروطه، فما هي شروط الطلاق؟ وما هي أحكام الطلاق؟

وقبل الدخول في بيان شروط الطلاق والمراد بها أثناء الحديث عن الطلاق فإنه يتعين علينا أن نشرح أولا تعريف الفقهاء السابق عن الطلاق.

الطلاق في الإسلام

عرف الفقهاء الطلاق في الإسلام بأنه حل قيد النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه[1]. وقد اشتمل هذا التعريف على أمور تحتاج إلى بعض التفصيل:

1-  حل رابطة الزواج أي إنهاء العلاقة الزوجية وآثارها.

2- في الحال: إشارة إلى الطلاق البائن.

3- وفي المآل: أي بعد انقضاء العدة ويكون بالطلاق الرجعي، أو انضمام طلقتين إلى الأولى، وعليه فلو ماتت في العدة أو بعدما راجعها ينبغي أن يتبين عدم وقوع الطلقة الأولى[2].

4- واللفظ المخصوص: يكون صريحا وهو اللفظ المشتمل على مادة الطلاق مثل: أنت طالق،  أو  كناية كلفظ البائن والحرام والإطلاق ونحوها.

5 – ويقوم مقام اللفظ: الكتابة والإشارة المفهمة، ويلحق بلفظ الطلاق لفظ «الخلع» وقول القاضي: «فرقت» في التفريق للغيبة أو الحبس، أو لعدم الإنفاق أو لسوء العشرة[3].

ما حكم الطلاق في الإسلام ؟

لا خلاف بين الفقهاء على حكم الطلاق في الإسلام باعتباره مباحا، ويدل على مشروعيته ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (البقرة: 229)، وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} (الطلاق: 1).

وأما السنة فحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “أن رسول الله طلق حفصة ثم راجعها”[4].

وحديث ابن عمر رضي الله عنه أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر رضي الله عنه رسول الله عن ذلك فقال له رسول الله : “مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء”[5].

وأما الإجماع فقد نقله غير واحد من الفقهاء منهم ابن حزم وابن عبد البر، والموفق رحمهم الله جميعًا[6].

قال الدكتور الزحيلي: وأجمع الناس على جواز الطلاق، والمعقول يؤيده، فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء الزواج مفسدة محضة، وضرراً مجرداً، بإلزام الزوج والنفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل الزواج، لتزول المفسدة الحاصلة منه.

أحكام الطلاق الخمسة

وبناء على الأدلة السابقة فقد اتفق الفقهاء على أن الطلاق في الإسلام تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة[7] تبعًا لاختلاف حالات وقوعه ويظهر ذلك فيما يأتي:

1- التحريم: يكون الطلاق محرمًا في الحيض أو في طهر جامع الرجل امرأته فيه، وقد أجمع الفقهاء في جميع الأمصار على تحريمه لمخالفته أمر الله تعالى وسنة رسوله ، وهو المسمى بالطلاق البدعي.

2- الكراهة: يكون الطلاق مكروها إذا كانت حياة الزوجين مستقرة ولم تكن هناك حاجة إليه؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه: “أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق”[8].

ولأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها فيكون مكروها.

وقيل: يحرم في هذه الحال وهو رواية عن الإِمام أحمد؛ لأنه ضرر بنفسه وزوجته وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حرامًا كإتلاف المال لقول النبي : “لا ضرر ولا ضرار”[9].

3- ويكون واجبا في حالة الإيلاء بعد مضي المدة وأبى الزوج الفيئة إلى زوجته بعد التربص، على مذهب الجمهور، أما الحنفية: فإنهم يوقعون الفرقة بانتهاء المدة حكما، وكطلاق الحكمين في الشقاق إذا تعذر عليهما التوفيق بين الزوجين ورأيا الطلاق، عند من يقول بالتفريق لذلك.

4 – ويكون مندوبا إليه إذا فرطت الزوجة في حقوق الله الواجبة عليها – مثل الصلاة وعدم العفة – وكذلك يندب الطلاق للزوج إذا طلبت زوجته ذلك للشقاق.

وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بأن طلاق المرأة التي لا تصلي إذا لم تجدِ نصيحتها يكون واجبًا في فتواها رقم (6391) (2).

5 – ويكون مباحا عند الحاجة إليه لدفع سوء خلق المرأة وسوء عشرتها، أو لأنه لا يحبها.

وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بأنه يباح للرجل أن يطلق زوجته إذا تبين له أنها لا تصلح له في فتواها رقم (4172)، وأفتت بالإباحة كذلك في فتواها رقم (17380)، ورقم (18416) (3)

شروط الطلاق في الإسلام

يشترط لصحة الطلاق أمور موزعة على أركان الطلاق الثلاثة فبعضها شروط المطلق وبعضها شروط المطلَّقة وبعضها متعلقة بصيغة الطلاق.  

‌‌الشروط المتعلقة بالمطلق

يشترط في المطلق ليقع طلاقه على زوجته صحيحا شروط، هي:

‌‌الشرط الأول – أن يكون زوجا: وهو من بينه وبين المطلقة عقد زواج صحيح.

‌‌الشرط الثاني – البلوغ: فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم وقوع طلاق الصغير مميزا أو غير مميز، مراهقا أو غير مراهق، أذن له بذلك أم لا، أجيز بعد ذلك من الولي أم لا، على سواء، ذلك لأن الطلاق ضرر محض، فلا يملكه الصغير ولا يملكه وليه[10]، ولقول النبي رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل[11].

وخالف الحنابلة في الصبي الذي يعقل الطلاق، فقالوا: إن طلاقه واقع على أكثر الروايات عن أحمد. أما من لا يعقل فوافقوا الجمهور في أنه لا يقع طلاقه.

الشرط الثالث – ‌‌العقل: ذهب الفقهاء إلى عدم صحة طلاق المجنون والمعتوه[12] لفقدان أهلية الأداء في الأول، ونقصانها في الثاني، فألحقوهما بالصغير غير البالغ، فلم يقع طلاقهما لما تقدم من الأدلة.

ويتفرع عن هذا مسألة وقوع طلاق السكران: والسكران هو الذي وصل إلى درجة الهذيان وخلط الكلام، ولا يعي بعد إفاقته ما صدر منه حال سكره، لا يقع طلاقه باتفاق المذاهب إن سكر سكراً غير حرام ـ وهو نادر ـ كشرب مسكر للضرورة، أو للإكراه، أو لأكل بنج ونحوه ولو لغير حاجة عند الحنابلة؛ لأنه لا لذة فيه، فيعذر لعدم الإدراك والوعي لديه، فهو كالنائم.

أما السكران بطريق محرَّم ـ وهو الغالب ـ بأن شرب الخمر عالماً به، مختاراً لشربه، أو تناول المخدر من غير حاجة أو ضرورة عند الجمهور غيرا لحنابلة، فيقع طلاقه في الراجح في المذاهب الأربعة، عقوبة وزجراً عن ارتكاب المعصية، ولأنه تناوله باختياره من غير ضرورة[13].

‌‌الشرط الرابع – القصد والاختيار: والمراد به هو قصد اللفظ الموجب للطلاق من غير إجبار.

وقد اتفق الفقهاء على صحة طلاق الهازل، وهو: من قصد اللفظ، ولم يرد به ما يدل عليه حقيقة أو مجازا، وذلك لحديث النبي : ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة[14].

ولأن الطلاق ذو خطر كبير باعتبار أن محله المرأة، وهي إنسان، والإنسان أكرم مخلوقات الله تعالى، فلا ينبغي أن يجري في أمره الهزل، ولأن الهازل قاصد للفظ الذي ربط الشارع به وقوع الطلاق، فيقع الطلاق بوجوده مطلقا.

‌‌الشروط المتعلقة بالمطلَّقة

يشترط في المطلقة ليقع الطلاق عليها شروط، هي:

‌‌الشرط الأول: قيام الزوجية حقيقة أو حكما: وذلك بأن تكون المرأة هي التي يقع عليها الطلاق، إذا كانت في حال زواج صحيح قائم فعلاً، ولو قبل الدخول، أو في أثناء العدة من طلاق رجعي؛ لأن الطلاق الرجعي لا تزول به رابطة الزوجية إلا بعد انتهاء العدة.

فإن كانت المرأة معتدة من طلاق بائن بينونة كبرى، فلا يلحقها طلاق آخر في أثناء العدة، لاستنفاد حق الزوج في الطلاق. لأنه لا يملك أكثر من ثلاث طلقات، فلا تكون هناك فائدة من الطلاق.

وإن كانت معتدة من طلاق بائن بينونة صغرى. فلا يلحقها أيضاً طلاق آخر عند الجمهور غير الحنفية، لانتهاء رابطة الزوجية بالطلاق البائن، فلا تكون محلاً للطلاق. ويلحقها طلاق آخر في رأي الحنفية في أثناء العدة، لبقاء بعض أحكام الزواج من وجوب النفقة، والسكنى في بيت الزوجية، وعدم حل زواجها برجل آخر في العدة، فتكون محلاً للطلاق إذ هي زوجة حكماً[15].

الشرط الثاني – تعيين المطلقة بالإشارة أو بالصفة أو بالنية: اتفق الفقهاء على جواز تعيين لامطلقة بأحد الامور الثلاثة: الإشارة، والوصف، والنية، فأيها قدم جاز، فإذا تعارض الثلاثة ففيه التفصيل التالي: اتفق الفقهاء على أنه إذا عين المطلقة بالإشارة والصفة والنية وقع الطلاق على المعينة.

‌‌الشروط المتعلقة بالصيغة أو ما يقع به الطلاق

اتفق الفقهاء على أن الزواج ينتهي بالطلاق بالعربية أو بغيرها، سواء باللفظ أم بالكتابة أم بالإشارة.

واللفظ إما صريح أو كناية:

 الطلاق الصريح

هو اللفظ الذي ظهر المراد منه وغلب استعماله عرفاً في الطلاق، كالألفاظ المشتقة من كلمة (الطلاق) مثل: أنت طالق، ومطلقة، وطلقتك وعلي الطلاق. ومنه قول الرجل: «أنت علي حرام أو حرمتك أو محرمة»؛ لأنه وإن كان في الأصل كناية، فقد غلب استعماله بين الناس في الطلاق، فصار من الألفاظ الصريحة فيه. هذا مذهب الحنفية.

وصريح الطلاق عند الحنابلة: لفظ الطلاق وماتصرف منه، لاغير، أما لفظ الفراق والسراح فهو كناية.

وقال المالكية: الكناية الظاهرة لها حكم الصريح، وهي التي جرت العادة أن يطلق بها في الشرع أو في اللغة كلفظ التسريح والفراق، وكقوله: أنت بائن أو بتة أو بتلة وما أشبه ذلك.

وقال الشافعية والظاهرية: إن صريح الطلاق ثلاثة ألفاظ: الطلاق والفراق والسرح، لورودها في القرآن، قال تعالى: {الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229] وقال: {فأمسكوهن بمعروف} [البقرة: 231] وقال: {وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته} [النساء: 130] وقال سبحانه: {فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً} [الأحزاب: 28] ولو اشتهر لفظ للطلاق مثل الحلال أو حلال الله علي حرام، فالأصح كما قال النووي أنه كناية، ثم أصبح قول الرجل (علي حرام) من باب الطلاق الصريح كما أفتى به ابن حجر وغيره.

وقال الحنابلة: لو قال: عليَّ الحرام، أو يلزمني الحرام، أو الحرام يلزمني، فهو لغو، لا شيء فيه: لأنه يقتضي تحريم شيء مباح بعينه، فإن اقترن معه نية تحريم الزوجة أو دلت قرينة على إرادة ذلك، فهو ظهار؛ لأنه يحتمله.

‌‌طلاق الكناية

هو كل لفظ يحتمل الطلاق وغيره، ولم يتعارفه الناس في إرادة الطلاق. مثل قول الرجل لزوجته: الحقي بأهلك، اذهبي، اخرجي، أنت بائن، أنت بتّة، أنت خلية، برية، اعتدي، استبرئي رحمك، أمرك بيدك، حبلك على غاربك، أي خليت سبيلك كما يخلى البعير في الصحراء، وزمامه على غاربه، ونحوها من الألفاظ التي لم توضع للطلاق، وإنما يفهم الطلاق منها بالقرينة أو دلالة الحال: وهي حالة مذاكرة الطلاق، أو الغضب.

‌‌حكم الطلاق بالكناية

الكناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، فلا يلزمه الطلاق إلا إن نواه، فإن قال: إنه لم ينو الطلاق، قبل قوله في ذلك بيمينه، فإن حلف أنه ما أراد باللفظ الطلاق، لم يقع، وإن امتنع عن اليمين حكم عليه بالطلاق.

أنواع الطلاق الذي لا يقع

يقصد بأنواع الطلاق الذي لا يقع الحالات التي لا يعتد فيها بالطلاق ولو كان قصده ذلك، وهذا يتعلق بنية المطلق والعوامل المؤثرة في قصد المطلق واختياره.

 والطلاق باعتبار حالات المطلق أنواع:

  • طلاق الهازل: وهو من قصد اللفظ، ولم يرد به ما يدل عليه حقيقة أو مجازا، وذلك لحديث النبي : ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة.

لا خلاف بين الفقهاء في وقوع طلاق الهازل واللاعب قال ابن المنذر: “وأجمعوا على أن جد الطلاق وهزله سواء”.

  • طلاق المخطئ: والمخطئ من لم يقصد التلفظ بالطلاق أصلا، وإنما قصد لفظا آخر، فسبق لسانه إلى الطلاق من غير قصد، كأن يريد أن يقول لزوجته: يا جميلة، فإذا به يقول لها خطأ: يا طالق وهو غير الهازل.

وحكم طلاق المخطئ: لا يقع طلاق المخطئ عند جمهور الفقهاء إذا ثبت بالقرائن أنه غير قاصد الطلاق. وهو الراجح. ورأى الحنفية أن طلاق المخطئ يقع قضاء فقط لا ديانة وذلك لخطورة محل المرأة[16].

  • طلاق المكره: وذلك إذا حمل الزوج على الطلاق بأداة مرهبة.

حكم طلاق المكره: لا يقع عند الجمهور طلاق المكره؛ لأنه غير قاصد للطلاق، وإنما قصد دفع الأذى عن نفسه، ولقوله : «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»[17]وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا طلاق في إغلاق»[18]معناه في إكراه. وهذا هو الراجح لقوة دليله[19]. ولأن المكره منعدم الإرادة فكان كالنائم[20].

  • طلاق السكران: السكران الذي وصل إلى درجة الهذيان وخلط الكلام، ولا يعي بعد إفاقته ما صدر منه حال سكره

حكم طلاق السكران: نفرق بين السكران بطريق غير حرام والسكران بطريق حرام.

  • السكران بطريق غير حرام وهو )السكران غير المتعدي( -وهو نادر- كمن شرب مسكرا ضرورة أو مكرها فإن طلاقه لا يقع باتفاق المذاهب فهو كالنائم.
  • أما السكران  المتعدي بطريق محرَّم ـ وهو الغالب ـ بأن شرب الخمر عالماً به، مختاراً لشربه، أو تناول المخدر من غير حاجة أو ضرورة عند الجمهور فيقع طلاقه في الراجح في المذاهب الأربعة، عقوبة وزجراً عن ارتكاب المعصية، ولأنه تناوله باختياره من غير ضرورة[21].

وخالف هذا القول زفر والطحاوي من الحنفية، وأحمد في رواية عنه، والمزني من الشافعية وعثمان وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، فقالوا: لا يقع طلاق السكران، لعدم توافر القصد والوعي والإرادة الصحيحة لديه، فهو زائل العقل كالمجنون»[22].

  • ‌‌طلاق المجنون والمدهوش:

أما المجنون فهو من أصيب عقله بالخلل فلا يستطيع التمييز بين الامور الحسنة والقبيحة.

وحكم طلاق المجنون: أنه لا يصح طلاق المجنون، ومثله المعتوه والمغمى عليه، بسبب انعدام العقل الذي هو أحد اهلية الأداء للمكلف.

أما المدهوش[23]: وهو الذي اعترته حال انفعال لا يدري فيها ما يقول أو يفعل، أو يصل به الانفعال إلى درجة يغلب معها الخلل في أقواله وأفعاله، بسبب فرط الخوف أو الحزن أو الغضب.

حكم طلاق المدهوش مثل طلاق المجنون بسبب الخلل في الإدراك والمعرفة حالة الانفعال، لقوله : «لا طلاق في إغلاق» والإغلاق: كل ما يسد باب الإدراك والقصد والوعي، لجنون أو شدة غضب أو شدة حزن ونحوها[24].

  • طلاق الغضبان: وهذا يدخل في إطار “لا طلاق من إغلاق”، ولا يقع إذا اشتد الغضب، بأن وصل إلى درجة لا يدري فيها ما يقول ويفعل ولا يقصده. أو وصل به الغضب إلى درجة يغلب عليه فيها الخلل والاضطراب في أقواله وأفعاله، وهذه حالة نادرة[25].
  • ‌‌ طلاق السفيه: السفه هو خفة في العقل تدعو إلى التصرف بالمال على غير وفق العقل والشرع[26].

حكم طلاق السفيه: ذهب جمهور الفقهاء إلى وقوع طلاق السفيه؛ لأنه مكلف مالك لمحل الطلاق، ولأن السفه موجب للحجر في المال خاصة، وهذا تصرف في النفس، وهو غير متهم في حق نفسه، فإن نشأ عن طلاق السفيه آثار مالية كالمهر فهي تبع لا أصل[27]. وخالف عطاء، وقال بعدم وقوع طلاق السفيه[28].  

  • طلاق المريض: المرض إذا أطلق في عرف الفقهاء انصرف إلى مرض الموت غالبا، إلا أن ينص فيه على غيره. وقد اتفق الفقهاء على صحة طلاق المريض مطلقا، سواء أكان مرض موت أم مرضا عاديا، ما دام لا أثر له في القوى العقلية، فإن أثر فيها دخل في باب الجنون والعته وغير ذلك مما تقدم[29].
  • ‌‌طلاق غير المسلم: يقع طلاق غير المسلم كالمسلم عند جمهور الفقهاء، بخلاف المالكية فقالوا: لا يصح الطلاق من كافر، ويشترط الإسلام لنفاذ طلاق المطلِّق[30].
  • ‌‌طلاق المرتد: طلاق المرتد بعد الدخول موقوف، فإن أسلم في العدة تبينا وقوعه، وإن لم يسلم حتى انقضت العدة أو ارتد قبل الدخول فطلاقه باطل؛ لانفساخ النكاح قبله، باختلاف الدين

هل يقع الطلاق بكلمة طالق فقط؟

لا يقع الطلاق صريحا بمجرد نطق كلمة “طالق” فقط دون إسناده، ولا بد من إسناد اللفظ للمخاطب أو عينه أو ما يقوم مقامها.  قال في مغني المحتاج: ولو حذف المفعول كأن قال: طلقت، أو المبتدأ وحرف النداء كأن قال: ‌طالق، لم يقع الطلاق.

حكم من نوى الطلاق في نفسه ولم ينطق به

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يقع طلاق من نوى بنفسه الطلاق ثم لم ينطق به ، لانعدام اللفظ أصلا، والدليل على ذلك قول النبي : “إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم به” متفق عليه.