فضّل الله سبحانه وتعالى بعض الأيام على بعض، والأيام الفاضلة هي مواسم لنفحات الله يتفضل فيها على عباده فيغفر الذنوب، ويرفع الدرجات، ومن تلك الأيام الفاضلة يوم عرفة، فقيل إن يوم عرفة أفضل الأيام لقوله ﷺ: “«”ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة…..”
فضل صيام يوم عرفة لمن ليس بعرفة:
رَوى مسلم أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُئل عن صوم يوم عرفةَ فقال “يُكفِّر السّنة الماضية والباقيةَ” وروى النسائي بإسناد حسن أنّ صيامه يعدِل صِيام سَنَة، وفي رواية حسنة للطبراني أنه يعدِل صيام سنتين، وفي رواية حسنة للبيهقي أنه يعدِل صِيام ألف يوم.
تدلُّ هذه الأحاديث على فضل صِيام يوم عرفةَ، لكنَّ هذا لغير الواقِف بعرفة، فقد روى أبو داود والنسائي وابن خُزيمة في صحيحه والطَّبراني أنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ نَهى عن صومِه.
وإن كان هذا النَّهيُ للكراهة لا للتحريم.
صيام يوم عرفة لمن هو بعرفة:
اختلف الفقهاء في حكم صيام هذا اليوم للواقِف بعرفة، فقال الشافعي: يُسَنُّ الفِطر فيه ليقوَى الحاجُّ على الدُّعاء، وقال أحمد: إنْ قَدَر الحاجُّ أن يصومَ صامَ. وإن أَفطرَ فذلك يومٌ يحتاج فيه إلى القُوّة.
قال الحافظ المنذري في كتابه الترغيب والترهيب: اختلفوا في صَوم يوم عرفةَ بعرفة فقال ابن عمر: لم يصمْه النبيُّ ـ ﷺ ـ ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، وأنا لا أصومُه وكان مالك والثوري يَختاران الفِطر، وكان ابن الزبير وعائشة يَصومان يَوم عرفة، وروى ذلك عن عثمان بن أبي العاصي، و كان إسحاق يَميل إلى الصّوم، وكان عَطاء يقول: أصوم في الشِّتاء ولا أصوم في الصَّيف، وقال قَتادة لا بأسَ به إذا لم يضعُف عن الدُّعاء. رواه أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه.
ومهما يكنْ من شيء فإنَّ الأولى الاقتداء بالنبيِّ ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ فقد ثَبَتَ أنه لم يَصُمْ هذا اليومَ في حِجّة الوَداع . روى البخاري ومسلم عن أمِّ الفضل أنهم شَكُّوا في صَوم رسول الله ـ ﷺ ـ يوم عَرفة فأرسلتُ إليه بلبنٍ فشَرِب وهو يخطُب الناسَ بعَرفةَ. وثبت أنه قال “إنّ يومَ عرفةَ ويومَ النَّحر وأيّام التّشريق عيدُنا ـ أهلَ الإسلام ـ وهي أيّام أكل وشُرْب” وثبت عنه أنه نَهى عن صِيام يوم عرفة بعرفات. كما رواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه.