الواجب على المسلم أن يكون حريصاً على اتباع كل سنة ثبتت عن النبي ﷺ وليحذر كل الحذر من مخالفتها، فقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، وقال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7]، فالمتساهل في فعل السنن قد يتمادى به الأمر إلى ترك الفرائض والعياذ بالله تعالى.
والتشهد الأوسط مختلف في حكمه بين الفقهاء ، فمنهم من جعله سنة، ومنهم من جعله واجبا، والكثيرون على أنه سنة، والفقهاء يقسمون السنن إلى قسمين: سنن غير مؤكدة وسنن مؤكدة، فالسنن غير المؤكدة مثل رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ووضع اليد اليمنى على اليسرى، في حال القيام ودعاء الاستفتاح ونحوها فهذه لا تبطل الصلاة بتركها عند الجميع، قال ابن قدامة في المغني بعد ذكرها: وحكم هذه السنن جميعها أن الصلاة لا تبطل بتركها عمدا ولا سهوا. انتهى.
أما السنن المؤكدة وهي المسماة عند بعض أهل العلم بالواجب كالحنابلة، ومن أمثلته عندهم: التشهد الأول، والجلوس له، والتسبيح في الركوع – يعني قول سبحان ربي العظيم- وكذلك التحميد (قول ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع)، فمثل هذه الواجبات عندهم تبطل الصلاة بتركها عمدا، وتركها سهواً يوجب سجود السهو.
قال ابن قدامة أيضاً بعد ذكرها: وحكم هذه الواجبات إذا قلنا بوجوبها أنه إن تركها عمدا بطلت صلاته. انتهى.
والمالكية قد اختلفوا في ترك السنن المؤكدة عمدا هل يبطل الصلاة أم لا والمشهور عدم البطلان، ومن أمثلتها عندهم قراءة السورة بعد الفاتحة والتشهد الأول والثاني، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وهل تبطل الصلاة بترك سنة مؤكدة عمداً أو جهلا، وهو قول ابن كنانة وشهره في البيان لتلاعبه، أو لا تبطل بذلك ويستغفر الله لكون العبادة قد حوفظ على أركانها وشروطها، وهو قول مالك وابن القاسم وشهره ابن عطاء الله، ولا سجود عليه لأن السجود إنما هو للسهو. انتهى.
علماً بأن بعض ما يسميه الحنابلة بالواجب يعتبر عند المالكية سنة خفيفة لا يبطل تركه الصلاة بلا خلاف عندهم.