الدستور الذي حدده القرآن في التعامل مع المسلمين نجده في آيتين من كتاب الله في سورة الممتحنة يقول الله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم)
فالذين لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا ولم يظاهروا على إخراجنا مطلوب منا أن نقسط إليهم وأن نبرهم، القسط هو العدل والبر هو الإحسان، يعني القسط هو أنك تعطيهم الحق، البر أنك تعطيهم فوق الحق، العدل أو القسط أنك تأخذ مالك تماماً، البر أن تتنازل عن بعض مالك يعني أعلى من القسط والعدل، فهذا هو المطلوب، يعني ربنا اختار للتعامل مع هؤلاء الكلمة التي اختارها للتعامل مع الوالدين، بر الوالدين حين قال (أن تبروهم) فهذا البر ليس معناه أن تُضمر لهم العداوة وتبتعد عنهم.
الأحاديث التي جاءت هذه جاءت في مناسبات معينة إنما الآن لكي تنشر الإسلام وتؤلف القلوب عليه وتحببه إلى الناس لابد أن تفعل هكذا، يعني إذا عاش المسلم مثلا عدة سنوات في بريطانيا وكان له جيران وزملاء يدرسون معه، هم يأتون في عيد الفطر ويقولوا له عيدك مبارك أو نحو ذلك أو في عيد الأضحى المفروض أن يقول لهم في عيدهم هذا، لأن الله تعالى يقول (وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) وسيدنا عبد الله بن عباس جاءه مجوسي وقال له: السلام عليكم فقال: وعليكم السلام ورحمة الله، فقال أصحابه: تقول له “ورحمة الله” قال: أليس في رحمة الله يعيش؟ هو عايش في رحمة الله، هم استكثروا أن يقول لمجوسي “ورحمة الله” (وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها).
إذا كنا نريد أن نحقق عالمية الإسلام ونحبِّب هؤلاء الناس في الإسلام، فلابد أن نقترب منهم وأن نريهم حسن أخلاق المسلمين وهذا ما صنعه المسلمون قديماً، فالإسلام لم ينتشر في العالم بالسيف كما يقول المبشِّرون والمستشرقون وأمثالهم الإسلام انتشر بأخلاق المسلمين.