الكذب فعل محرم في أغلب الأديان، والثقافات الاجتماعية والمعتقدات الدينية. وفي الإسلام يحرم الكذب. يقول الله تعالى: ﴿إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾ [ سورة غافر: 28] ويقول في سورة الحج:30 (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)، وقال تعالى ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ﴾ [الزمر: 32].
والكذب هو أبغض الأخلاق إلى رسول الله ﷺ، فعن عائشة بنت أبي بكر “ما كان خلق أبغض إلى النبي محمد من الكذب ولقد كان الرجل يحدث عند النبي بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة. والكذب هو من خصال المنافق كما يقول النبي محمد ﷺ “أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهم كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر. وقال الرسول ﷺ : ” إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار.
وورد لفظ الكذب ومشتقاتها في القرآن الكريم في مواضع متعددة وبصيغ متعددة، حيث وردت بعدد (251) موضعا، على (6) أوجه هي النفاق والقذف والرد والجحود التكذيب والافتراء.
حكم إمامة العاصي والفاسق:
يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر:-
رَوَى البخاري أن عبد الله بن عمر كان يصلِّي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي.
ورَوَى مسلم أن أبا سعيد الخدري صلَّى خلف مَرْوان صلاة العيد.
وصلَّى عبد الله بن مسعود خلف الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط وكان يَشرب الخمر، وفي مرة صلَّى الصبح بالمصلِّين أربع ركعات فجَلَده عثمان بن عفان على ذلك.
وكان الصحابة والتابعون يُصلُّون خلف ابن عُبيد، وكان متهمًا بالإلحاد وداعيًا إلى الضلالة.
فكل من صَحَّتْ صلاتُه لنفسه صَحَّتْ صلاته لغيره ما لم يكن أقلَّ منه.
ولكن الصلاة خلف المنحرفين مكروهة، فقد حَدَث أن رجلاً أمَّ قومًا فبَصَق جهة القبلة والرسول ينظر إليه فقال: “لا يُصلِّى لكم” فمَنعوه من الصلاة من أجل ذلك، ولما شكا للرسول قال له: “نعم، إنك آذَيتَ الله ورسوله” رواه أبو داود وابن حبان، وسَكَت عنه أبو داود والمنذري، فهو حديث مقبول.
فإذا وُجِد شخص مستقيم كان الصلاة خلفه أوْلى. أما إذا تَحتَّم المشبوه أو المنحرف لأن وظيفته الإمامة مثلاً جازت الصلاة خلفه مع القيام بواجب نصحه؛ ليَرضَى عنه الناس ويَستريحوا لإمامته، فقد جاء في الحديث الذي رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه: “ثلاثة لا يَقبَل الله منهم صلاة: إمام قوْم وهم له كارهون، وامرأة باتَت وزوْجُها عليها غَضبان، وأخَوانِ مُتصارِمان.
هل الصلاة خلف الفاسق صحيحة:
يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر:-
مع كون الصلاة خلْف الفاسق مكروهة فهي صحيحة غير باطلة، ويؤيد ذلك إلى جانب ما سَبَق من روايات البخاري ومسلم حديث البيهقي: “صَلُّوا خلف كل بَرٍّ وفاجِرٍ، صلُّوا خلف كل بر وفاجر، وجاهِدوا مع كل بر وفاجر”.
جاء في تفسير القرطبي ” ج 1 ص 326″ قوله: وأما أهل البدع من أهل الأهواء كالمعتزلة والجَهمية وغيرها فذَكَر البخاري عن الحسن: صَلِّ، وعليه بدعتُه، وقال أحمد: لا يُصلَّى خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية إلى هَوَاه، وقال مالك: ويُصلَّى خلف أئمة الجَوْر، ولا يُصلَّى خلف أهل البدع من القَدَريَّة وغيرهم، وقال ابن المنذر: كل مَن أَخرَجَتْه بدعته إلى الكفر لم تَجُزِ الصلاة خلفه، ومن لم يكن كذلك فالصلاة خلفه جائزة، ولا يجوز تقديم مَن هذه صفته.
ثم قال القرطبي : وأمّا الفاسق بجوارحه كالزاني وشارب الخمر ونحو ذلك فاختلف المذهب ـ المالكي ـ فيه ، فقال ابن حبيب: من صَلَّى وراء من شَرِب الخمر فإنه يُعيد أبدًا ـ حتمًا ـ إلا أن يكون الوالي الذي تؤدى إليه الطاعة، فلا إعادة على من صَلَّى خلفه إلا أن يكون حينئذ سَكْرانَ، قاله من لَقِيتُ من أصحاب مالك. ثم ذَكَر القرطبي حديثًا فيه: “ولا يَؤمَّنَّ فاجِرٌ بَرًّا إلا أن يكون ذا سلطان” وحَكَم بأنه ضعيف.