السجود في الصلاة ركن من أهم أركانها، وهو فرض بالنص والإجماع، قال تعالى ( يَا أَيُّها الذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا …) ( سورة الحج : 77 )، ولا بد فيه من الطمأنينة كما علَّم النبي ـ ﷺ ـ الصلاة لرجل رآه يُسيء صلاته، حيث قال له: “ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجدًا ” رواه البخاري ومسلم. وأجمعت الأمة على ذلك. والطمأنينة أقلُّها زمن يَسَعُ “سبحان الله”، ولم يقل بفرضيتها أبو حنيفة، لعدم ذكرها في القرآن، ولم يَعتدَّ بالحديث المذكور.
والحد الأدنى في السجود أن يضع جزءًا من جبْهته على الأرض عند الجمهور، وأوجب أبو حنيفة وضع أكثر الجبهة مع التحامل عليها، للحديث الذي رواه ابن حِبَّان في صحيحه: “إذا سجدت فمكِّن جبهتك من الأرض ولا تَنْقُرْ نَقْرًا”، ولا بد أن تكون الجبهة مكشوفة غيرَ مغطَّاة وقد تقدَّم الكلام في ذلك. وهل يجب السجود على أعضاءٍ أُخْرى غير الجبهة؟ روى البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ ﷺ ـ “أمرت بالسجود على سبعة أعظم: اليدَين والرُّكْبتين والقدمين والجبهة” هناك للشافعية قولان، الأظهر عند الرافعي لا يجب السجود على غير الجبهة، والأظهر عند النووي الوجوب، وعلى ما صحَّحه النووي، الاعتبار بباطن الكف في اليدين، وببطون الأصابع في القدمين، ولا يكفي ظهر الكف ولا ظهر الأصابع، ويكفي وضع جزء من كل هذه الأعضاء كإصبع واحدة.
والحنفية قالوا: الواجب هو إحدى اليدين وإحدى الركبتين وإحدى القدمين. والسنة أن يكون السجود بالكل. والمالكية قالوا: السجود على غير الجبهة سنة غير واجب، والحنابلة قالوا مثل ما قال الشافعية، فإذا عجز عن السجود على بعض هذه الأعضاء سجد على بقيتها “الفقه على المذاهب الأربعة“.
وفي السجود على طرف الأنف خلاف. فالجمهور على عدم الوجوب، وعند أحمد روايتان، إحداهما بالوجوب بدليل حديث البخاري ومسلم في الأمر بالسجود على سبعة أعظم أن النبي ـ ﷺ ـ عند ذكر الجبهة أشار بيديه إلى أنفه، والثانية بعدم الوجوب” المغني ج1 ص 560، النووي على مسلم ج4 ص207، 208″. من هنا نرى الاتفاق على وجوب السجود على الجبهة، وما عدا ذلك من الأعضاء فيه خلاف، قيل بالندب، وقيل بوجوب إحدى اليدين وإحدى الرُّكبتين وإحدى القدمين، والدين يسر.