وضع الحناء في القبر فهو كوضعها في الكفن، لا غُبار عليه كما قال جمهور الأئمة.
أما وضع فراش في القبر أو وسادة، فقد جاء في “المواهب اللدنية، للقسطلاني ج 2 ص 380” في الكلام على وفاة النبي ـ ﷺ ـ أنه روى أنه بنى في قبره تسع لَبِنَات وفرش تحته قطيفة نجرانية كان يتغطى بها، فرشها مولاه “شقران” في القبر وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك.
قال النووي: وقد نص الشافعي وجميع أصحابه وغيرهم من العلماء على كراهة وضع قطيفة أو مضربة أو مخدة ونحو ذلك تحت الميت في القبر، وشذ البغوي من أصحابنا فقال في كتابه “التهذيب” لا بأس بذلك، لهذا الحديث، والصواب كراهة ذلك كما قاله الجمهور، وأجابوا عن هذا الحديث بأن “شقران” انفرد بفعل ذلك ولم يوافقه أحد من الصحابة ولا علموا بذلك، وإنما فعله “شقران” لما ذكرناه عنه من كراهية أن يلبسه أحد بعد النبي ـ ﷺ ـ انتهى.
ثم يقول القسطلاني: وفي كتاب “تحقيق النصرة” للزين المراغي، قال ابن عبد البر: ثم أخرجت ـ يعني القطيفة ـ من القبر لمَّا فرغوا من وضع اللبنات التسع، حكاه ابن زبالة، يقول الزرقاني: كذبوه ومات قبل المائتين، روى له أبو داود “ج 8 ص 293”.
ويُؤخذ من هذا أن مجرد وضع الحِناء في القبر؛ لتخفيف رائحة الجثة لا مانع منه، أما وضع فراش في القبر فمكروه؛ لأنه إضاعة مال دون حاجة، والفِراش الذي ينفع الميت ويريحه هو عمله الصالح. وفي الحديث “يتبع الميت ثلاث: أهله وماله ـ عبيده ـ وعمله. فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله” رواه البخاري ومسلم.