جاء في تخريج العراقي لأحاديث ” إحياء علوم الدين للغزَّالي” أن هذا الحديث موجود في ” أمالي ابن مَنْدَه” من رِوَاية ابن المغيرة القوَّاس عن عبد الله بن عمر بسند ضعيف، ولعلَّه عبد الله بن عمرو، فإنهم لم يذْكروا لابن المغيرة رواية إلا عنه. ورواه أبو منصور الدَّيْلمي في “مسند الفردوس” من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وفيه سليمان بن عمرو النخعي أحد الكذابين.
يُؤخذ من هذا أن الحديث ليس صحيحًا ولا حَسنًا عن النبي ـ ﷺ ـ فهو إما ضعيف وإما موضوع، وبصرف النظر عن سند الحديث فهناك وِجْهتا نظر عند تفسيره: وجهة تقول: إن الصائم الذي يَتعرَّض صيامُه لأمور تتنافى مع حِكمة الصيام بسبب اندماجه مع المجتمع، كالكذب والغِيبَة والنظر المُحرَّم وغير ذلك سيَكُفُّه نومُه بالنهار عن هذه الأمور المنكرة، وذلك صورة من صور العبادة، فهو عبادة سلبية كالصَّدَقة التي قال النبي ـ ﷺ ـ في وُجُوبها على كل مسلم لا يَجد ما يَتَصَدَّق به ولا معونة من أي نوع كان ” فلْيُمْسك عن الشَّر، فإنَّ إمْساكه عن الشر صدقة” رواه البخاري ومسلم، من هنا يكون نومه صوابًا وعبادة.
ومن وجهة نظر أخرى، الصائم الذي يُؤْثِرُ النوم على العمل الإيجابي المُنتج مخالف لأوامر الدين، في وجوب استغلال طاقة الإنسان في عمل الخير، ومخالف كذلك للأوامر الدينية التي تُنَفِّر من العَجْز والكسل، فالنبي ـ ﷺ ـ أمر بالاستعاذة منهما أبا أُمامة حتَّي يُذْهب الله همَّه ويَقضى دينه كما رواه أبو داود، فالإسلام دِينُ حركة وعمل وإنتاج، والصائم يُمكنه ذلك في حدود الوُسع والطاقة، ولم يَقف الصحابة عن العمل وهم صائمون، بل وقعت كُبْرَيَات الغزوات في شهر رمضان، وعلى رأسها غزوة بدر، والفتح الأعظم لمكَّة المكرَّمة، وإذا كانت بعض الدول تُخَفف من العمل في شهر الصيام فلا يَجوز أن يستغل ذلك لمزيد من الكسل والتهاون، والعمل الصالح في ظل الصيام له ثوابه الجزيل ” انظر ص 510 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى”، ومن هنا يكون نوم الصائم خطأ وليس عبادة.