الذكر وقراءة القرآن بين ركعات التراويح من مسائل الخلاف.
فمن وسع في معنى البدعة عد هذا الأمر من البدع التي يجب تركها لأنه لم يؤثر هذا عن النبي ﷺ ولا عن صحابته الكرام ولا عن أحد من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن ضيق في مفهوم البدعة عد هذا أمر جائزا ولا حرج في ذلك ودليلهم في الجواز أن الذكر مشروع في كل الأحوال وعبادة حث عليها الشارع الحكيم وعلى هذا فلا حرج في شغل الوقت بين ركعات التراويح بالذكر وقراءة القرآن..
فالمسألة من مسائل الخلاف التي لا يجوز فيها الإنكار وقد قرر الفقهاء قاعدة هامة بهذا الصدد فقالوا (لا إنكار في المختلف فيه إنما الإنكار في المجمع عليه)
وللوقوف على أدلة المجيزين يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر-:
ليس هناك نص يَمنَع من الذكر أو الدعاء أو قراءة القرآن في الفصل بين كل ركعتين من التراويح أو كل أربع منها مثلاً، وهو داخل تحت الأمر العام بالذِّكْر في كل حال. وكوْن السلف الذين يُؤخذ عنهم التشريع لم يفعلوه لا يَدل على منْعه، إلى جانب أن النقل عنهم في منع الذكر المذكور غير موثوق به.
وهذا الفاصل يُشبِه ما كان يفعله أهل مكة من قيامهم بالطواف حول البيت سبعًا بعد كل ترويحتين، الأمر الذي جعل أهل المدينة يزيدون عدد التراويح على العشرين، تعويضًا عن هذا الطواف، وهو أسلوب تنظيمي يَعرِفون به عدد ما صَلُّوه، إلى جانب ما فيه من تنشيط للمصلين، فلا مانع مطلقًا، وبهذا لا يدخل تحت اسم البدعة، فالنصوص العامة تَشهد له، فضلاً عن عدم معارضتها له، ولئن يُسمَّى بدعة فهو على نسق قول عمر ـ رضي الله عنه: نِعْمَتِ البدعةُ هذه، عندما رأى تجمُّع المسلمين لصلاة التراويح خلْف أُبي بن كعب.
وجاء في فتاوى دار الإفتاء: ويستحب الجلوس بين صلاة كل أربع ركعات بقدرها، وكذا بين الترويحة الخامسة والوتر، وهذا هو المتوارث عن السلف كما صلى أبى بن كعب بالصحابة وروى عن أبى حنيفة - واسم التراويح ينبيء عن هذا - إذ المستحب فقط هو الانتظار ولم يؤثر عن السلف شيء معين يلزم ذكره في حال الانتظار وأهل كل بلد مخيرون وقت جلوسهم هذا بين قراءة القرآن والتسبيح وصلاة أربع ركعات فرادى والتهليل والتكبير أو ينتظرون سكوتا ولا يلزمهم شيء معين وأما دعاء الإمام والمأمومين جميعا عقيب الصلاة فلم ينقل هذا أحد عن النبي ﷺ ولكن نقل عنه أنه أمر معاذا أن يقول دبر كل صلاة : { اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك } ، وعلى هذا لا يعتبر الدعاء الجماعي سنة ولا هو بدعة لأن له أصلا في الدين وإن كان الأولى في ذلك الإتباع .
أما المانعين فدليلهم ما ذهب إليه ابن الحاج المالكي في المدخل: وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد، فإن ذلك كله من البدع، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التروايح: الصلاة يرحمكم الله، فإنه محدث أيضاً، والحدث في الدين ممنوع، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، ثم الخلفاء بعده، ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم.