أرض الحجاز هي الفاصلة بين نجد وتِهامة، وأشهرُ مدنِها مكّة والمدينة، وفيها الحَرَم والمسجد الحرام.
ودخول المسجد الحرام معلوم حكمه، أما الحرم المكي بحدوده التي ذكرها الماوردي في كتابه ” الأحكام السلطانية ص164 ” بأنّها ثلاثة أميال من طريق المدينة دون التنعيم، وسبعة أميال من طريق العراق، وتسعة أميال من طريق الجُعرانة، وسبعة أميال من طريق الطائِف على عرفة، وعشرة أميال من طريق جدة ـ هذا الحرم المكي بحدوده، قال جمهور الفقهاء: لا يجوز دخوله لجميع مَن خالَف دين الإسلام، من ذِمِّيٍّ أو مُعاهِدٍ، لا مُقيمًا فيه ولا مارًّا به، وجوّز أبو حنيفة دخولهم إذا لم يَستوطنوه.
ولو دخله المُشرك بدون إذن عُزِّرَ وأخرج، وإن كان بإذن لم يُعزَّر وأُنكِرَ على الآذن وأخرج، ولو أراد دخول الحرم لِيُسلِمَ فيه منع منه حتّى يُسلم قبلَ دخوله، وإذا مات فيه مشرك حرم دفنه، فإن دفن فيه نقل إلى الحِل، إلا أن يكون قد بَلِيَ، كما تركت أموات الجاهليّة.
وأما دخول غير الحَرَم بحدوده المعروفة. فالجمهور على عدم استيطان الذِّمّي والمعاهد، وجوّزه أبو حنيفة، ودليل الجمهور حديث عائشة: كان آخر ما عهد به رسولُ الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أن قال: ” لا يجتمع في جزيرة العرب دِينان ” رواه البيهقي .
وتطبيقًا لذلك أجلَى عمر بن الخطاب ـ رَضي الله عنه ـ أهل الذِّمّة عن الحجاز.
وضرب لمن قدم منهم تاجرًا أو صانعًا مقام ثلاثة أيام يخرُجون بعد انقضائها، واستقرّ الحكم على منعهم من الاستيطان، وجواز دخولهم بصفة مؤقّتة لمدة ثلاثة أيّام في موضع ويمكن أن ينتقل منه إلى غيره لمدة ثلاثة أيام أيضًا فإن زادَ عليها عُزِّر إن لم يكن مَعذورًا ” الأحكام السلطانية ص167 “.