جاء في فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: لا تَصِحُّ الجمعة في البيوت ولا في الفضاء، بل لابد أن تؤدي في الجامع، ويشترط في الجامع شروط أربعة:
الأول: أن يكون مبنيًا فلا تصح في مسجد حُوِّطَ عليه بأحجار أو طوب من غير بناء.
والثاني: أن يكون بناؤه مساويًا على الأقل للبناء المعتاد لأهل البلد، فلو كان البلد أَخْصَاصًا صَحَّ بناء المسجد من البوص، أما إذا كانت عادتهم البناء بالطوب المحروق وبنوا المسجد بالطوب النَّيِّئِ فلا تَصِحُّ الجمعة فيه.
والثالث: أن يكون في البلد أو خارجًا عنها قريبًا منا بحيث يَصِلُ إليه دخانها.
والرابع: أن يكون مُتَّحِدًا، فلو تعدَّدَ في البلد الواحد فلا تصح الجمعة إلا في الجامع القديم، وهو الذي أُقيمت فيه الجمعة أولاً في البلد، ولو تأخر بناؤه، ولا تصح في المسجد الجديد الذي لا حاجة إليه ما دام القديم موجودًا، ولم يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا فيه حاكم.
أما المذاهب الأخرى فلا تشترط لصِحَّةِ الجمعة أن تكون في مسجد، بل تصح في أي مكان داخل البلد أو خارجها، ولهم خلاف في العدد الذي تنعقد به الجمعة، سيكون الكلام عنه في موضع آخر.
ومما يدل على مذهب الجمهور ما رواه ابن أبي شيبة أن عمر ـ رضي الله عنه ـ كَتَبَ إلى أهل البحرين “أن جَمِّعُوا حيثما كنتم” وإسناده جَيِّدٌ كما قال أحمد. وروى عبد الرزاق بسند صحيح أن ابن عمر كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يُجَمِّعُونَ فلا يَعْتِبْ عليهم.