حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة. حج المرأة بلا محرم من الأمور التي اختلف فيها الفقهاء، فإن ترجيح رأي الجواز في المسألة المسؤول عنها هو الأولى ، نظرا لطبيعة الحالة، وتغير الزمان والمكان والأحول، وهذا لا ينكر أثره في تغير الفتوى فضلا عن ترجيح رأي على آخر.
حكم سفر المرأة بغير محرم لأداء فريضة الحج:
يقول الأستاذ مسعود صبري : المطالع للمسألة في كتب الفقه يجد فيها رأيين :
الأول: وجوب المحرم في الحج، وهو رأي الأحناف والإمام أحمد والنخعي وإسحاق، وقالوا: ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم تحج به أو زوج، ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام.
الثاني: يجوز الحج مع محرم أو بلا محرم عند أمن الفتنة، أو في وجود نسوة ثقات ونحو ذلك، وهو رأي الحسن البصري و الشافعية وداود ومالك، ولكن الإمام مالك منع أن تكون امرأة ثقة واحدة ، بل لابد من جماعة من النساء .
وقال أصحاب هذا الرأي : إن كان الحج فرضا جاز لها الخروج مع زوج أو محرم أو نسوة ثقات، ويجوز مع امرأة ثقة . قال الماوردي من فقهاء الشافعية: ومن الأصحاب من قال: إذا كان الطريق آمنا لا يخاف خلوة الرجال بها جاز خروجها بغير محرم، وبغير امرأة ثقة” .
الرفقة الآمنة للمرأة بديل للمحرم في الحج واستدل الأحناف ومن وافقهم على وجوب المحرم للحج بما يلي:
1- ما ورد عن النبي -ﷺ- أنه قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج) متفق عليه .
2- وروى عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال: (خطب النبي -ﷺ- فقال: لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم. فقال رجل: يا رسول الله إني قد اكتتبت في غزوة كذا، وقد أرادت امرأتي أن تحج؟ فقال رسول الله: احجج مع امرأتك) متفق عليه .
واستدل الشافعية ومن وافقهم بما يلي: حديث عدي بن حاتم قال (بينما أنا عند النبي – ﷺ – إذ أتى رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال: يا عدي هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها وقد أنبئت عنها . قال: فإن طال بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله . قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله) أخرجه البخاري .
وقد رد من أوجب المحرم في الحج بأن حديث عدي إخبار وجود، ولا يدل على الجواز .
وأجاب من رأى عدم اشترط المحرم أن الحديث في مقام المدح، ورفع منار الإسلام فيحمل على الجواز. كما ردوا بأن الأحاديث الواردة في اشتراط المحرم أحاديث عامة، وحديث عدي يخصصها. كذلك فرقوا بين حج الفريضة وحج النافلة ، فيشترط المحرم في حج النافلة دون الفريضة .
ما هو الحكم الراجح في سفر المرأة بغير محرم لأداء فريضة الحج:
ومع هذا فالذي يترجح في المسألة كحكم شرعي أنه يجوز الحج بلا محرم عند توافر الأمن ، لما يلي :
* أنه يمكن الجمع بين الأحاديث، فهي تشير إلى فترات زمانية متباعدة، لها خصائصها الاجتماعية والعرفية ، فقطع الطريق والخوف على النفس كان هو السائد في العهد النبوي وما قبله . ثم أخبر – ﷺ – بتغير الحال، وقد ارتبط الحكم بعلته، وهو عدم الأمن والخوف على النفس، فلما زال ذلك، عاد الحكم إلى الإباحة .
* كما أن هناك من الأحاديث التي ترهب من ترك الحج ، فإن كانت المرأة مستطيعة ، وجب عليها الحج، وإن منعها زوجها، فلا يسقط عنها الفريضة، ولها الحج دون إذنه ، كما يرى بعض الفقهاء ، ومن الفقهاء من يرى أنه يجب عليها استئذانه ، ويجبر على الإذن لها .
على أنه إن كان الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، فإنه يحكم بأنه لا يجوز للمرأة الحج وحدها، إن خافت على نفسها، أو لم تأمن الطريق، فيجب عليها ساعتها أن يكون معها محرم أو زوج .