من كان يرجو من مقاطعة قريبه العاصي فائدة دينية فيمكن مقاطعته لذلك. ولا تكون هذه المقاطعة قطعا للرحم، لأنه قد يترتب على قطع الرحم زيادة في السوء وقد تكون صلة الرحم مع السعي الدائم بالحكمة والموعظة الحسنة واللين والتودد والمحبة فائدة عظيمة تعود على الطرفين أولا بصلة الرحم وثانيا بترك العاصي المعصية والتوبة والإنابة إلى الله تعالى.

وقد قال بعض العلماء: تجوز مقاطعة العاصين إن كانت المقاطعة تُفِيد في رجوعهم عن عصيانهم، وأطلق بعضهم جواز المقاطعة، سواء أكان هناك رجاء في استقامتهم أم لا.

فالنهي الوارد عن النبي المسلم أن يَهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يقصد به النْهي عن الهَجْر لأغراض شخصية لا دينية، أما إذا كان هناك غَرَضٌ دِيني من الهَجْر، كسوء السلوك، أو خوف الضرر فلا حُرْمة في المقاطعة.

وقد صحَّ أن الرسول والصحابة هجروا الذين تخلَّفوا عن غزوة تبوك بغير عُذْر خمسين يومًا حتى تاب الله عليهم، وقد قال الله تعالى: ( وقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا ويُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (سورة النساء : 140).

وقد هَجَر النبي ـ ـ زوجاته شهرًا في حادث التَّخْيير، كما هو معروف، حيث غضب منهن لطَلَبِ أمور دُنْيَوية فأمره الله يُخَيِّرَهُنَّ.

قال بعض العلماء: تجوز مقاطعة العاصين إن كانت المقاطعة تُفِيد في رجوعهم عن عصيانهم، وأطلق بعضهم جواز المقاطعة، سواء أكان هناك رجاء في استقامتهم أم لا.

قال السفاريني في كتابه ” غذاء الألباب” ج1 ص22 :

-قال في الآداب الكبرى: يُسَنُّ هَجْر مَنْ جَهَر بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية.

-وقيل يجب إن ارتدع به، وإلا كان مُسْتحَبًّا.

-وقيل يجب هجْرُه مُطْلقًا إلا من السلام بعد ثلاثة أيام.

-وقيل: ترك السلام على مَنْ جَهَر بالمعاصي حتى يتوب فرض كفاية، ويُكره لبقيَّة الناس ترْكُه.

وظاهر كلام سيدنا الإمام أحمد ـ رضي الله عنه ـ ترك السلام والكلام مطلقًا، وقال القاضي أبو حسين: ظاهر إطلاقه لا فرق بين المُجاهر وغيره في المبتدع والفاسق، فيَنبغي إن كنت مُتَّبِعًا سنن مَن سلف أنَّ كل من جاهر بمعاصي الله لا تُعاضِده ولا تساعده ولا تقاعده ولا تُسلِّم عَلَيْهِ، بل اهْجُرْهُ.