دفع الضرر من مقاصد الشريعة:
حكم نقل عضو من إنسان ميت لآخر حي:
فإذا تحقق لنا أن نقل عضوٍ مِن إنسان ميت يُفيد إنسانًا حيًّا، فلا مانع شرعًا من نقل هذا العضو من الشخص الميِّت إلى الشخص الحيّ، بشرط موافقة الميت على النقل حال حياته، أو مُوافقة ولي أمره بعد وفاته، ويكون ذلك داخلًا بالمفهوم العام في باب التداوي والعلاج.
هل يعد نقل عضو من إنسان ميت لآخر حي تعد على حرمة الميت:
وعلى هذا فلسنا نجد أمامنا مانعًا شرعيًا يمنع نقل القلب من ميت إلى حيٍّ يحتاج إليه.
ويُمكن قياس هذا على ما أفتى به أهل الفقه المعاصرون من جواز نقل العين من ميت إلى مَن يحتاج إليها، وقد جاء في الفتوى: “ولا شك أن حاجةَ الأحياء إلى العلاج بمنزلة الضرورة التي يُباح من أجلها ما هو محظورٌ شرعًا، على أننا إذا قارنا بين مضرة تَرْك العيون تُفقد حاسة الإبصار، ومَضرة انتهاك حُرْمَة الموتى، نجد الثانية أخفهما ضررًا، ومن المبادئ الشرعية أنه إذا تعارضت مَفْسَدتان دُريءَ أعظمهما ضررًا بأخفهما ضررًا، ولا شك أن الإضرار بالميت أخف من الإضرار بالحي”.
“ويجب أن يُعْلَم أن إباحة نزع عيون بعض الموتى لهذا الغرض مُقَيَّدة بقدر ما تستدعيه الضرورة، لِمَا تقرر شرعًا مِن أن ما أُبيح للضرورة يُقَدَّر بقدرها فقط، ولذلك لا يجوز للمضطر لأكل الميتة إلا قدرًا ما يسدّ الرَّمق، وللمضطر لإزالة الغُصة بالخمر إلا الجرعة المُزيلة لها فقط، ولا يجوز أن تستر الجبيرة في الأعضاء الصحيحة إلا القدر الضروري لوضعها، ولا يجوز للطبيب أن ينظر في العَورة إلا بقدر الحاجة الضرورية”.
“وغير خافٍ أن ابتناء الأحكام على المبادئ العامة والقواعد الكلية مَسْلَك أصولي في استنباط الأحكام الجزئية في الحوادث والوقائع النازلة التي لم يَرِد فيها بعينها نَصّ من الشارع، ولذلك نجد الشريعة لا تضيق ذرعًا بحادث جديد، بل تفسح له صدرها، وتَشمله قواعدها الكلية ومبادئها العامة القيمة”. وفي ضوء هذا البيان نفهم أن عملية زرع القلب المُشار إليها غير ممنوعة شرعًا.