معنى النعي :
فإذا كان النَّعي على ما كان يفعله أهل الجاهليّة من ذكر المآثر والمفاخر فهو ممنوع، كما يدل عليه ما أخرجه ابن ماجه والبيهقي بسند حسن أن حذيفة بن اليمان قال: “نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عن النعي، وما رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال: “إيّاكم والنَّعي، فإن النَّعي مِن عَمل الجاهليّة. وهو حديث حسن.
أما إذا كان النّعي من أجل إخطار الأقارب والأصدقاء ليشهدوا جنازتَه ويكثر المصلُّون عليه فلا بأس به؛ لأن مَن يصلِّي على الجنازة له قِيراط من الأجر كما صح في الحديث المتّفق عليه ولقول النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ “ما مِن مسلم يموت فيُصلِّي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجبَ”. يعني وجبت له الجنّة. (رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن.)
بل يكون النعي من أجل هذا القصد مستحبًّا، ففيه فائدة للميت وفائدة لمن يصلُّون عليه، ويشهد لهذا ما رواه البخاري ومسلم أن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- نعى الناسَ “النجاشيَّ” في اليوم الذي مات فيه. وفي لفظ “إنَّ أخاكم النجاشيَّ قد مات، فقوموا فصلُّوا عليه”.
وما رواه البيهقي أن النبي -صلَّى الله عليه وسلّم- نعى جعفر بن أبي طالب وزيد بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وما روى أنه -عليه الصّلاة والسلام- قال فيمن دُفِنَ ليلاً وكان يقمُّ المسجد -أي ينظِّفه ويرفع القمامة منه- : “أفلا كنتم آَذنتموني”؟ وفي رواية : “ما منعكم أن تُعلموني”؟ وما روى أن رافع بن خديج مات بعد العصر فأتى ابن عمر فأخبر بموتِه فقيل له : ما ترى، أيخرج بجنازتِه السّاعة؟ فقال : إن مثل رافع لا يخرج به حتّى يؤذنَ به مَن حولَنا مِن القُرَى، فأصبحوا وخرجوا بجنازته.
من هذا نرى أن النّعي إن كان يحمل معنى التفاخُر والتباهي فهو مذموم، وإن كان من أجل إعلام الناس بالوفاة للاشتراك في الصلاة على الميت وتشييع الجنازة فلا بأس به، والأعمال بالنِّيّات ولكل امرئ ما نوى، وبهذا يمكن التوفيق بين ما ورد من الأحاديث والآثار في ذم النَّعي وعدم ذمِّه” انظر الفتح الرباني وشرحه ج7 ص184، المغني لابن قدامة ج2 ص432.
حكم نعي الموتى في الصحف وغيرها :
2 ـ روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود عن النبي -ﷺ- أنه قال : “إيَّاكم والنَّعْيَ، فإنَّ النَّعْيَ من عمل الجاهليّة”. (قال الترمذي حديث غريب: أي رواه راوٍ فقط).
3 ـ روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبيّ -ﷺ- نَعَى النّاسُ النجاشيَّ في اليوم الذي مات فيه، وفي لفظ “إنَّ أخاكم النجاشيَّ قد مات فقوموا فصلُّوا عليه”.
4 ـ روى البيهقي عن أنس بن مالك أن النبيَّ -ﷺ- نَعى جعفرًا وزيد بن ثابت وعبد الله بن رواحة، وذلك في غزوة مؤتة.
5 ـ وروى أيضا أن النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال فيمن دُفِنَ ليلًا وكان يَقُمُّ المسجدَ “أفلا كنتم آَذنْتُمون” وفي رواية “ما مَنعكم أن تُعلموني”.
6 ـ وروى أيضًا أن رافع بن خُديج مات بعد العصر، فأتى ابن عمر فأخبر بموتِه فقيل له: ما ترى؟ أيخرج بجنازتِه الساعة؟ فقال : إن مثل رافع لا يُخرَج به حتى يُؤذن به مَن حولنا مِن القرى، فأصبحوا وأخرجوا بجنازتِه.
النَّعْيُ والنَّعِىّ الإخبار بموت الميت، قال الأصمعي : كانت العرب إذا مات فيها ميِّت رَكِب راكب فرسًا وجعل يَسير في الناس، ويقول : نَعاءِ فلانًا، أي أنعِيه وأظهر خبر وفاته. قال الجوهري : وهي مبنيّة على الكسر مثل دَراكِ ونَزالِ.
إذا كان النعي على نحو ما يفعله أهلُ الجاهلية من ذكر المآثِر والمفاخِر فهو ممنوع، كما يدلُّ عليه الحديثان الأوّلان، واستحبّ جماعة من أهل العلم ألَّا يعلَم الناسُ بجنائزهم منهم ابن مسعود وأصحابه علقمة والربيع بن خيثم وعمرو بن شرحبيل.
أما إذا كان النعي لأجل إخطار الأقارب والأصدقاء ليشهدوا جنازتَه ويكثر المصلُّون عليه؛ لأن في كثرتهم أجرًا لهم ونفعًا للميت، فإنه يحصُل لكل مُصل منهم قيراط من الأجر كما صحّ في الحديث ولأنه ورد : “ما مِن مُسلم يَموت فيصلِّي عليه ثلاثُ صفوفٍ من المسلمين إلا أوجبَ” يعني وجبت له الجنّة، إذا كان النَّعي لذلك فلا باس به، بل هو مستحَبٌّ.
وممَّن رخَّص في هذا أبو هريرة وابن عمر وابن سيرين وإبراهيم النخعي وعلقمة.
يقول البيهقي : بلغني عن مالك أنه قال: لا أحِبُّ الصِّياح لموت الرجل على أبواب المساجِد، ولو وقف على حلق المساجِد فأعلمَ الناس بموتِه لم يكن به بأس. ومَن جوّزوا النعي بهذا القَصد اعتمدوا على المرويّات الثلاثة الأخيرة المذكورة.