الأصل في المجتمع المسلم أنه مجتمع متضامن في أموره كلها، يأخذ بعضه بيد بعض، ويعين قويه ضعيفه، ويُعلم عالمُه جاهلَه، وينتصر للمظلوم، ويأخذ على يد الظالم يمنعه من الظلم. كما قال رسول الله ﷺ: “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. قالوا: يا رسول الله، ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: تمنعه من الظلم فذلك نصر له”متفق عليه.
وفي حالة الشقاق والخلاف العائلي حين يستفحل بين الزوجين، ولا يستطيعان حل مشاكلهما الخاصة بالتفاهم والتراضي، فإن على المجتمع المسلم أن يتدخل بتعيين (محكمة عائلية) مكونة من حكمين أي شخصين من أهل الرأي والمكانة والقدرة على الحكم، يجتهدان في الإصلاح بينهما ما وجدا إلى ذلك سبيلا، وإلا حكما بالتفريق بينهما، وينفذ ذلك قضاء، كما حدث في زمن الصحابة رضي الله عنهم.
يقول تعالى مخاطبًا جماعة المسلمين:{وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما}النساء:35.
وفي حال أن الزوجين يعيشان في مجتمع غير مسلم، فالمطلوب من الجالية المسلمة في كل مدينة فيها وجود ظاهر للمسلمين: أن يكون لهم (مجلس تحكيم) أو (مجلس إصلاح) يتكون من ثلاثة مثلا من عقلاء المسلمين وثقاتهم المأمونين على أسرار الناس، من عُرفوا بحصافة الرأي، ومتانة الخلق، وقوة الدين، ورضا الناس عنهم، ويكون أحدهم مَن له معرفة بأحكام الشرع دون تزمت ولا تسيب، وتعرض عليهم هذه المشاكل لينظروا فيها، ويحاولوا التوفيق والإصلاح ما استطاعوا، ويضعوا لذلك الضوابط ويلزموا بذلك الطرفين، وعلى الجميع أن يساعدهم على ذلك؛ حتى يستقيم أمر الجماعة المسلمة، وفي الحديث الشريف:”يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار”.رواه الترمذي وغيره.
فإن لم يجدوا التوفيق والإصلاح مع المحاولة الجادة، والنّية الصالحة، فليس أمامهم إلا أن ينصحوا بالفراق بالمعروف، والتسريح بإحسان، كما أمر الله تعالى. وقد قيل: إن لم يكن وفاق ففراق.
وأبغض الحلال إلى الله الطلاق. ولكنه قد يكون ضرورة في بعض الأحيان. وآخر الدواء الكي.