الأحق بالدفن من أوصى له الميت بذلك، ثم بعد ذلك يقدم محارم المرأة، ويقدم الزوج على محارم المرأة وذلك عند إمام دار الهجرة مالك والشافعي وهي إحدى الروايتين عن أحمد وعند أبي حنيفة ورواية عن أحمد يقدم المحارم على الزوج، كما لا يوجد حرج في أن يقوم الرجال الأجانب بإنزال المرأة في قبرها.
ومستند هذا ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه – قَالَ شَهِدْنَا بِنْتًا[1] لِرَسُولِ اللَّهِ – ﷺ – قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ – ﷺ – جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ – قَالَ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ قَالَ – فَقَالَ « هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ[2] اللَّيْلَةَ » . فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا . قَالَ « فَانْزِلْ» . قَالَ فَنَزَلَ فِى قَبْرِهَا.
فهنا تولى الصحابي الجليل أبو طلحة مهمة دفن ابنة رسول الله ﷺ في حضرته وهو أبوها، وفي وجود زوجها عثمان بن عفان.
قال ابن قدامة في الكافي:
وأولى الناس إدخال المرأة قبرها محارمها الأقرب فالأقرب وفي تقديم الزوج عليهم وجهان بناء على ما مر في الصلاة فإن لم يكن فالمشايخ من أهل الدين.. انتهى
جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل المالكي :
وعصبة المرأة أولى بالصلاة عليها من زوجها وزوجها أحق منهم بغسلها وإدخالها في قبرها من ذوي محارمها فإن اضطروا إلى الأجنبيين جاز أن يدخلوها في القبر.
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح:
قال ابن الهمام: لا يدخل أحدا من النساء القبر ولا يخرجهن إلا الرجال؛ لأن مس الأجنبي لها بحائل عند الضرورة جائز في حياتها، فكذا بعد موتها، فإذا ماتت ولا محرم لها دفنها أهل الصلاح من مشايخ جيرانها، فإن لم يكونوا فالشباب الصلحاء. أما إن كان لها محرم ولو من رضاع أو صهرية نزل وألحدها.
[1] هي أم كلثوم قاله ابن حجر.
[2] لم يقارف أي لم يذنب ذنبا، ويجوز أن يراد الجماع فكنى عنه ذكره، وهو أقوى من الأول لأن الجزم بعدم مقارفة الذنب مستبعد من الأكابر قاله الملا محمد علي القاري.