من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم فصيامه صحيح ، طالما أنه لم يستمر في الأكل أو الشرب بعد تذكره، ولا قضاء عليه ولا كفارة، وعليه أن يتم صومه، ولا يجوز له الفطر، فإن أكل أو شرب بعد تذكره ظنا منه أن الصوم فسد بالنسيان فعليه القضاء عند الحنفية، ولا يجب عليه شيء عند الجمهور؛ لأنه أخطأ. ويستوي في ذلك صيام رمضان وصيام النفل. .
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
قد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”. وفي لفظ “إذا أكل الصائم ناسيًا، أو شرب ناسيًا، فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه”. رواه الدارقطني وقال: إسناده صحيح. وفي لفظ: “من أفطر يومًا من رمضان ناسيًا، فلا قضاء عليه ولا كفارة”.
ومن هذه الأحاديث يظهر حكم من أكل أو شرب ناسيًا، وأنه لا يبطل صومه، وعليه أن يتمه ولا قضاء عليه، وسواء أكان الصوم فرضًا أم نفلاً، فإن الحكم واحد لعموم ما ذكرنا من الأحاديث؛ ولأن المعنى في النسيان الذي يعذر به الناسي يتحقق في صوم الفرض، وصوم النفل، ولقوله ﷺ: “رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه. ولقول الله تعالى: (.. ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم). والنسيان ليس من كسب القلوب، فلا مؤاخذة عليه.
وأوجب الإمام مالك القضاء على من أكل أو شرب ناسيًا في رمضان، ودليله في ذلك قياس الصوم على الصلاة، وذلك أن من فاتته الصلاة ناسيًا، فعليه قضاؤها لحديث رسول الله ﷺ: “من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها”. قال مالك: ويقاس الصوم على الصلاة في وجوب القضاء على الناسي.
ورد عليه الجمهور: بأن النص ورد في الصوم بعدم القضاء على الناسي كما في الأحاديث المتقدمة، وذلك بخلاف ما ورد في الصلاة، والحكم بالقضاء قياسًا لا يجوز؛ لأن القياس لا يعارض النص الصريح، وبذلك يترجح ما ذهب إليه الجمهور: وهو أنه لا قضاء ولا كفارة على من أكل أو شرب ناسيًا، وعليه أن يتم صومه، سواء أكان هذا الصوم فرضًا أم نفلاً.(انتهى).
ويقول أ.د.محمود عكام، أستاذ الشريعة بجامعة سوريا:
حكم النسيان في صيام النفل، كحكم النسيان في صيام الفرض، أي إذا نسي فأكل في صيام النفل فكنسيانه في صيام الفرض: لا شيء عليه، ويتم صومه، أما إذا نسي فأكل ثم استمر في الإفطار عامدا؛ ظنا منه أن صيامه قد فسد، فقد فسد صومه وعليه القضاء حسب المذهب الحنفي، وليس عليه شيء حسب المذاهب الأخرى.