روي أن اليهود والمجوس كانوا يبالغون في التباعد عن المرأة حال حيضها، والنصارى كانوا يجامعونهن، ولا يبالون بالحيض، وإن أهل الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجالسوها على الفراش ولم يساكنوها في بيت كفعل اليهود والمجوس.
لهذا توجه بعض المسلمين بالسؤال إلى النبي ﷺ عما يحل لهم وما يحرم عليهم في مخالطة الحائض فنزلت الآية الكريمة: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) سورة البقرة:222.
وقد فهم أناس من الأعراب أن معنى اعتزالهن في المحيض ألا يساكنوهن فبيّن النبي ﷺ لهم المراد من الآية وقال: إنما أمرتكم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ولم آمركم بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم، فلما سمع اليهود ذلك قالوا: هذا الرجل يريد ألا يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه.
فلا بأس على المسلم إذاً أن يستمتع بامرأته بعيداً عن موضع الأذى. وبهذا وقف الإسلام -كشأنه دائما- موقفاً وسطاً بين المتطرفين في مباعدة الحائض إلى حد الإخراج من البيت، والمتطرفين في المخالطة إلى حد الاتصال الحسي.
وقد كشف الطب الحديث ما في إفرازات الحيض من مواد سامة تضر بالجسم إذا بقيت فيه، كما كشف سر الأمر باعتزال جماع النساء في الحيض. فإن الأعضاء التناسلية تكون في حالة احتقان، والأعصاب تكون في حالة اضطراب بسبب إفرازات الغدد الداخلية، فالاختلاط الجنسي يضرها، وربما منع نزول الحيض، كما يسبب كثيراً من الاضطراب العصبي.. وقد يكون سبباً في التهاب الأعضاء التناسلية.