روى مسلم أن النبي ـ ﷺ ـ قال:” استأذنْتُ ربِّي أن أستغفر لأمِّي فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزورَ قبرها فأذن لي” وقد تحدث العلماء عن والدي النبي ـ ﷺ ـ وقد ماتا قبل بعثته، فقال جماعة: هما ناجيان كأهل الفَترة، لقوله تعالى:( ومَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسولاً ) (سورة الإسراء : 15) وقال آخرون إنهما ليسا مؤمنين، واستدلُّوا بأدلة منها الحديث المذكورالذي يعزّزه قول الله تعالى:( مَا كانَ للنَّبِيِّ والذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِروا لِلْمُشْرِكينَ ولَوْ كَانَوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الجَحِيمِ) (سورة التوبة : 113) .
ورد عليهم الأوَّلون بأن عدم الإذن في الاستغفار لا يدل على الكفر، كما لم يصلِّ النبي ـ ﷺ ـ على الميت الذي عليه دَين مع أنه غير كافر، وعدم الاستغفار للمشركين مبني على تبين أنّهم من أصحاب الجحيم، وذلك بعد تبليغ الدعوة والكفر بها، ووالدا الرسول، ﷺ لم تبلغهما الدعوة الإسلاميّة لأنّهما ماتا قبل البعثة.
والموضوع مبسوط في الكتب وهو ملخص في الجزء الخامس من موسوعة ” الأسرة تحت رعاية الإسلام” ولا داعيَ للإفاضة فيه فقد ذهبا إلى ربِّهما وهو أعلم بحالهما ولا ينبغي أن يحملنا حسن الظَّنِّ وحبُّنا للرسول على إيراد أخبار ينقصها الدليل القوي كإحيائهما بعد الموت للإيمان به ﷺ.
والزرقاني حذَّر من ذكرهما بما فيه نقص؛ لأن ذكر الأموات بما فيه نقص يؤذِي الأحياء، وفي الحديث” لا تؤذُوا الأحْياءَ بِسَبِّ الأمواتِ” كما رواه الطبراني، ولا ريب أن إيذاءه عليه الصلاة والسلام كفر يقتل فاعله إن لم يتُب ” ج1 ص185 ” وهو رأي طيب.