الإيمان بالبعث والحياة الآخرة جزء أساسي من عقيدة المسلم، وقد جاءت كثير من آيات القرآن لتثبته في قلب المؤمن، وتجادل المنكرين له والكافرين به، وتقيم الحجة تلو الحجة على إمكانه، وتتحدث عنه على أساس أنه أمر لا ريب فيه.

ويعتقد المسلمون أن البعث سيكون بالأرواح والأبدان معاً. ومن هذه الآيات قوله ـ تعالى: “وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ*قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ” (يس: آية 78،79) (1).

وفي الدار الآخرة يرافق المؤمن أحباءه مصداقاً لقوله ـ تعالى: “وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا*ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا” (النساء: آية 69،70)، وسأل أحد الصحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يخطب: متى الساعة يا رسول الله؟ فقال: “وماذا أعددتَ لها؟” قال: أعددتُ لها حب الله ورسوله. قال ـ صلى الله عليه وسلم: “أنت مع من أحببت”؛ فهذا صريح في أن الناس في الآخرة يحيون مع من أحبوهم في الدنيا.

وأما بخصوص أسرته من زوجته وأولاده فقد ذكر القرآن الكريم أنه يلحق به المؤمنون من أهله وأولاده وسائر ذريته، وأن الملائكة تدخل عليهم لتحييهم، قال الله ـ تعالى: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ” (الطور: آية 21)، ومعنى “وما ألتناهم من عملهم من شيء” أي وفيناهم أجرهم كاملاً وما أنقصناهم من أجورهم من شيء. وقال: “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ” (الرعد: آية 23، 24 )، فصريح هذه الآية يدل على أن أولي الألباب من المؤمنين الذين يوفون بعهد الله، ولا ينقضون الميثاق، ويصلون أرحامهم، ويخافون الله في الدنيا، ويقابلون الإساءة بالإحسان، ويتبعون السيئة الحسنة؛ ينعمون في جنات النعيم مع آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، وأن الملائكة تدخل عليهم من أبواب الجنة لتلقي عليهم التحية.

أما القبر ففيه سؤالا المَلَكَيْنِ، ثم حياة البرزخ في روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار حتى تقوم الساعة لقوله تعالى: “وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ” (المؤمنون: آية 100)، ولقو له -صلى الله عليه وسلم-: “القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.

والله أعلى وأعلم.