ورد في ما صح من حديث أن الإنسان إذا مات انقطع ثوابه ، ولا يستمر ثواب عمل من أعماله إلا في أمور ، وهي: العلم النافع ، ودعاء الولد الصالح ، والصدقة الجارية، ولها صور متعددة ، فقد تكون شجرة يستظل بها الناس ، أو بيتا لضيافة المسافر الغريب ، أو بناء مسجد ، أو مصحف أوقفه للقراءة، أو نخل غرسه للتصدق بتمره ، أو نهر أو ترعة أو عين ماء ليشرب الناس منها ويسقون زرعهم ودوابهم ، أو نحو ذلك ، فعلى من أراد المزيد من الثواب أن يغتنم هذه الفرص.
يقول الشيخ إبراهيم جلهوم ، شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة :
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
ومعنى الحديث الشريف أن المرء إذا مات ينقطع تجدد ثواب عمله الصالح الذي كان يعمله في دنياه ؛ إلا في هذه الأشياء المذكورة ، فإن ثوابها متجدد له في قبره؛ لأنها من كسبه، فولده الداعي له بخير، وما يتركه الميت من علم نافع، ومن صدقة جارية متجددة كالوقف مثلا ؛ كل ذلك من سعيه، وقد جاء أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علما علمه ونشره، أو ولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورّثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته”رواه ابن ماجه.
ووردت خصال أخرى بالإضافة إلى المذكورة من هذه الخصال الخيِّرة فبلغ المجموع عشرا، وقد نظمها الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ فقال:
إذا مات ابن آدم ليس يجـري …… عليه من فعـالٍ غـيرُ عشــرِ
علومٌ بثــها ودعـاءُ نجـلٍ …… وغرسُ النخلِ والصدقاتُ تجري
وراثةُ مصحـفٍ، ورباطُ ثغرٍ …… وحفرُ البئرِ، أو إجراءُ نـــهرِ
وبيتٌ للغـريب بنـاه يـأوي …… إليــه، أو بنـاء محـل ذكـرِ
فبادر ـ أيها المسلم ـ باغتنام فرصة يسر حالك، ووفرة مالك، بعمل ما تقدر عليه من بر موصول، وخير مستمر الإمداد، وصنيع يدوم عطاؤه، ما مرت لحظات الحياة، والله يرزقك القبول والأمن والنجاة، وهو تعالى أجل وأعظم .